فقال : الله عليك؟
فقلت : والله ليس عليه شيء وإنه ليتلألأ بياضا.
فقال : إنه أمر من الله ، وإنما نعيت إلى نفسي.
ثم شد العزم للرحيل (١) إلى مكة المشرفة من يومه ، فيوم دخوله الحرم مات رحمة الله عليه.
ومن المتهومين هلال بن أسعد المازني :
قال هلال : جعت مرة ـ وكان من شعراء الدولة الأموية ـ ومعي بعير لي عليه حمل فنحرته ، وقدحت وشويته (٢) وأكلته حتى لم يبق منه إلا عظامه ، ثم حملت ما كان عليه على ظهري وجئت أهلي فتحركت الشهوة في ظهري ، وغشيت أهلي ، فلم يصل ذكري لفرجها ، فقلت : ويحك ، ما هذا؟
فقالت : لا تعجب لعدم وصولك لي ، فإن بيني وبينك بعير راقد في بطنك.
وحكى عنه شيئا [رجل](٣) من مازن قال : أتانا هلال بن الأسعد ، فأكل جميع ما في بيتنا حتى لم يبق عندنا شيء مما ادخرناه لعيالنا في عامنا ، فلما علم أنه لم يبق شيء قال : ويلكم ، أما تشبعوا من استضافكم؟
فأرسلنا إلى جيراننا نقترض منهم دقيقا ، فأرسلوا لنا دقيقا يكفينا أياما وبرنية فيها عسل ، فوضع العسل على الدقيق ولته فيه وأكله.
وخرج من عندنا فلقي رجلا من بني مازن قد عبأ زورقا مملوءة قصبا عراقيا ، وهو ذاهب به نحو البصرة ، والرجل ذاهب بجميع ما بقي في حديقته ، فجلس على الزورق وهو مغطى بحصير.
فقال / هلال لصاحب التمر : تأذن لي أن آكل من تمرك؟
قال : نعم.
قال : وأشبع منه؟
قال : نعم. والمازني جاهل بأكله.
فأكله ثم انصرف. فلما فرغ المازني من شغله جاء ليقوم زورقه فرآه خفيفا ، فرفع
__________________
(١) في المخطوط : للرحل ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : وشويت ، وهو تحريف.
(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.