حتى لا تبرح الفئران بدارها مقيمة.
ومما حكاه الأصمعي :
قال الأصمعي (١) : كنت عند الرشيد / إذ دخل عليه الموصلي فأنشده :
وأمرت (٢) بالبخل قلت لها أقصري |
|
فليس إلى ما تأمرين سبيل |
فعالي فعال المتكبرين تجملا |
|
ومالي كما قد تعلمين قليل |
فكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى |
|
وأرى أمير المؤمنين جميل |
فقال له هارون : لله أبياتك فما أحسن أصولها ، وأبين فصولها ، وأقل فضولها ، يا غلام ، أعطه عشرين ألفا.
فقال : والله لا آخذ منها درهما.
قال : ولم ذلك؟
قال : لأن كلامك يا أمير المؤمنين خير من شعري.
فقال : أعطه يا غلام أربعين ألفا. فقبضها.
قال الأصمعي : فعلمت أنه أصيد لدراهم الملوك مني.
وغير ذلك :
ومما حكاه إبراهيم الشيباني قال : [قال](٣) عبد الله بن سويد بن منجوف كان لأبي مالا كثيرا ، فذهب جميعه حتى أصبح ما يملك درهما وركبه دين كثير ودارنا بالبصرة ، فخرج طالبا خراسان ، فلم يحصل على طائل. فبينما هو متفكر أين يتوجه وإذا غلامه قد أخذ بغلته وثياب بدنه وهرب ، فلم يبق له إلا ما هو لابسه ، فزاد همه وعظم كربه. فقام والدي ودخل على ساسان [ابن](٤) المنذر ، فشكا حاله وما حصل له بعد ذلك من غلامه.
فقال له ساسان : والله ليس لي قدرة على ما ترونه ، ولكن لعلي أحتال ، ولكن بحيلة يعود عليك منها نفعا.
ثم أخرج له كسوة حسنة وألبسه إياها عارية مستردة ، ثم قال له : امض بنا [إلى](٣)
__________________
(١) بعد هذه الكلمة في المخطوط كلمة : «قال» ، وهي زائدة عن السياق فحذفتها.
(٢) في المخطوط : امرءة ، وهو تحريف.
(٣) ما بين المعقوفين زيادة يتطلبها السياق.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة يتطلبها السياق.