فقال : بعثت بها إلى ابنة عمي أم البنين ، وقالت : ما جلوسك مع هذا الذي يسفك الدماء ويستحل قتل المؤمنين وأنت في غلالة وهو في سلاحه؟
فأرسلت إليها : إنه الحجاج.
فراعها فقالت : ما أحب أن يخلو بك ، وهو قاتل الخلق.
فقال الحجاج : دع عنك يا أمير [المؤمنين] فاكهة النساء بزخرف الأقاويل ، فإنما المرأة ريحانة وليست بقرمانة ، فلا تطلعهن (١) على سرك ، ولا تطل الجلوس عندهن ، ولا تشاورهن فإن ذلك أوفر لعقلك.
ثم خرج الحجاج ودخل أمير [المؤمنين] على ابنة عمه ، فأعلمها بمقالة الحجاج.
فقالت : يا أمير [المؤمنين] مره (٢) غدا بالتسليم عليّ.
فقال : نعم.
فلما كان من الغد ، دخل الحجاج.
فقال له : سر يا أبا محمد ، فسلم على أم البنين.
فقال : اعفني يا أمير [المؤمنين].
فقال : لا بد من ذلك.
فمضى إليها ، فحجبته طويلا فلم (٣) تأذن له بالدخول ثم أذنت له.
فدخل فمكث واقفا طويلا ولم تأذن له بالجلوس ، ولم تخاطبه من وراء سترها ، بعد ذلك قالت : يا حجاج ، أنت الممتن على أمير [المؤمنين] بقتل ابن الزبير ، وابن الأشعث؟!
أما والله لو لا علم الله أنك أهون خلقه وأبغضهم إليه لما ابتلاك برمي الكعبة بالمنجنيق وهدمها وسفك الدماء فيها وقتل ابن الزبير ، وهو ابن ذات النطاقين ، وأول مولود ولد في الإسلام. وأما ابن الأشعث فقد توالت عليك الهزائم لو لا ما نصرك أمير [المؤمنين] بجيش الشام. فما حملك يا ابن حافر الآبار بأن تشير على أمير [المؤمنين] بترك لذاته ، والامتناع من بلوغ أوطاره من نسائه؟ أتحسبه كنفسك الكافرة؟ أو نحن كمثل أملك اللخناء الوضيعة النسب؟ فلله در الشاعر حين يقول فيك شعر :
/ أسد علينا وفي الحروب نعامة |
|
فزعا تفزع من صفير الصافر |
__________________
(١) في المخطوط : تطلقهن ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : امراة ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : ثم ، وهو تحريف.