فليس له دواء غير شرب |
|
بهذا الجام (١) من هذا الطلاء |
وفض الخاتم المهدي إليه |
|
فهذا صالح بعد الدواء |
قال : فدخلت الجارية عليه بما معها وعنده يوحنا الطبيب ، فقال : يا أمير [المؤمنين] إن الفتح أعرف مني بصناعة الطب فلا تخالفه فيما أمر.
ومن النوادر ما وقع لأمير المؤمنين عبد الله المأمون :
قال : كان في أيامه رجل حائك ينسج القماش ، لا يبطل من عمله في جمعة ولا عيد ، حتى إذا ظهر الورد طوى شقته وبطل عمله ، وغرد بصوت عال وينشد :
طاب الزمان وجاء الورد فاصطحبوا |
|
ما دام للورد أنهار ونوّار |
ما العمر غير زمان الورد إن تره |
|
فاقصر به من لذيذ العيش أوطار |
ثم يجتمع بأصحابه على الراح ، ويواصل الاعتناق / بالأصباح وينشد هذين البيتين :
اشرب على الورد من حمراء صافية |
|
شهرا وعشرا وعشرا بعدهم عدد |
خمسين يوما تراه عنك مرتحلا |
|
فتلك مدته من أقصر المدد |
قال : ولا يزال منهمك في الراح مساء صباح حتى ما تبقى وردة واحدة ولا مما جمعه في عامه درهم واحد ، فيهتم للعود لشغله والمبادرة إلى عمله ، ثم ينشد عند انصرافه لعمله :
فإن يبقني ربي إلى الورد اصطبح |
|
وإن مت يا لهفي على الورد والخمر |
سألت إله العرش جل جلاله |
|
يواصل قلبي بالمدام إلى الحشر |
قال : فبلغ خبره لعبد الله المأمون ، فقال : والله ، لقد نظر هذا الرجل إلى الورد بعين جليلة فينبغي معونته عليه ومساعدته.
فطلبه ، ورتب له في كل عام ثلاثين ألف درهم ، وقال له : استعن بها على ملاقاة الورد.
ومما وقع لأمير زوج ابن حاتم بالغرب وهو من الفاطميين وكان بأفريقية :
جلس يوما في منظرة له وعنده حظية له لم تر العين أحسن منها ، فدخل عليه أحد خدامه ، ومعه قادوس مملوء ورد أحمر ، وأبيض في غير أوانه فأعجبه وأمر بأن يملأ قادوسه دراهم.
فقالت الحظية : ما أنصفه أمير [المؤمنين].
__________________
(١) في المخطوط : الشام ، وهو تحريف.