هنيئا لك المال الذي قد أفسدته |
|
ولم يبق في كفي غير التفكري |
أقول لنفسي وهي في غمراتها |
|
أقلي فقد بان الحبيب أو أكثري |
إذا لم يكن للمرء في الدهر حيلة |
|
ولم تجدي بدّا من الصبر فاصبري |
فلما فرغت من إنشادها بكى سيدها بكاءا شديدا ثم أجابها بقول هذه الأبيات :
أروح بهم من فراقك مؤلم |
|
أناجي به قلب قليل التصبر |
/ ولو لا قعود الدهر بإلف لم يكن |
|
يفرقنا سوى الموت فاعذري |
سلام عليكم لا زيارة بعده |
|
ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر |
فقال عبد الله بن معمر حين سمع ما وقع بينهما (١) : قد شئت خذها وما أعطيناك بارك الله لك فيهم.
قال : فسرّا (٢) بذلك وقبلا يديه ، وأخذا المال والفرس والقماش ، وانصرف لداره.
فرحم الله الكرام.
ومما حكاه سعد بن أسلم الباهلي :
قال : سلب من والدي ماله وأناخ عليه الفقر وركبه الدين ، وعول على الهرب وترك العيال ، وكان ذلك في زمان خلافة الرشيد.
ولازمته غرماؤه بالطلب فضاقت حيله فقصد عبد الله بن مالك الخزاعي ليمده برأيه فيما يصنع.
فقال : يا أخي لا يقدر على دفع ما نزل بك إلا البرامكة.
فقال : ومن يقدر على تبكرهم ومقابلة سطواتهم؟
فقال : ينبغي أن تتحمل المشقة لقضاء حاجتك.
قال : فنهضت من عنده ، ومضيت إلى الفضل ، وجعفر ولدا خالد بن يحيى البرمكي فلما أذن لي بالدخول والجلوس قصصت عليهما قضيتي وما أنا فيه من الفقر والدّين.
فقالا : أعانك الله على همك وقضى عنك دينك.
فقمت من عندهما ، ورجعت إلى عبد الله بن مالك ، ضيق الصدر نادما على ما فعلت من بذل ماء وجهي ، ورجوعي بالحرمان وأعلمته بمقالهما.
__________________
(١) في المخطوط : بينهم ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : فسرّ ، وهو تحريف.