فحدثته ما شاء الله ، ثم دعا بثوب ، فاستتر به ، ولبس ثيابه ، وتحول إلى مجلس عظيم ، ثم دعاني فحضرت.
فأتي له بمائدة عليها خمسة أواني فيها شيء شبيه بالثلج بياضا يفوح منه رائحة ذكية.
فقال : كل.
فلم أدري ما هو ، ولا كيف يؤكل.
فقلت : إن من السنة يا أمير [المؤمنين] أن يأكل ربّ المنزل ثم الضيف.
فأكل ، وأكلت ، فلم أر شيئا أطيب منه.
فقلت : ما هذا يا أمير [المؤمنين]؟
[فقال](١) : إنه المخ بالسكر يتخذ لنا. ثم أتي بشراب شديد الحمرة فشرب منه وناولني.
فقلت : لا أشرب من هذا.
قال : اشرب لا أم لك.
فشربت ، فلم أر شيئا أطيب منه ولا أبرد.
فقلت : ما هذا يا أمير [المؤمنين]؟
قال : إنه يتخذ من عصارة ماء الرمان الحلواني والتفاح اللبناني والعسل الكحتاوي مختوم بالثلج والكافور.
فقلت : جمع الله لك مع نعيم الدنيا الآخرة ، ثم استأذنت بالانصراف.
حكاية عن المأمون :
ومما (٢) حكاه ابن المحسن عن ابن خلاد قال : دخل الحسن بن سهل على عبد الله المأمون وكان وزيره فقال : يا حسن ، عليك بالمروءة.
فقال الحسن : لم أعلم مراد أمير المؤمنين بهذا المقال حتى أجيبه.
ثم قال : عليك بعمرو بن مسعدة ، فتعلم منه.
قال : فمضيت نحوه ، فإذا في داره صناع يبنون ، وهو جالس [على](٣) طوبة ينظر إليهم.
__________________
(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.
(٢) في المخطوط وممن وهو تحريف.
(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.