وذكروا أن في جزائر الكافور يأكلون الناس ويحشون رؤوسهم طيبا وكافورا ويعلقونها في بيوتهم ، فإذا طرأ لهم أمر وعزموا على فعله أخذوا منها رأسا وكفروا لها سجدا ، ثم يسائلوا حاجتهم فتخبرهم / بأمرهم خيرا كان أو شرا ، وحكوا عن :
جزيرة النساء :
وهي ببحر الصين لا يسكنها غير النساء يلقحن من شجر عندهم (١) مثل عروق الخيزران ، وتربتهم ذهبا ، ووقع إليهم رجل ، فلما رأينه هممن بقتله ، فرأته امرأة منهن (٢) فرحمته ، فأخذته ، وجاءت به إلى البحر ، فوضعته على لوح ، وأرسلته على وجه الماء فحملته الأمواج حتى ألقته في بعض بلاد (٣) الصين ، فصعد إليها وطلب الدخول على ملكها ، فلما اجتمع به أخبره بأمره ، وما جرى له في سفره ، فوجه إليها مراكب فطافوا بها ثلاث سنين ، ثم رجعوا ، ولم يقفوا لها على أثر.
وفي خبر ذي القرنين :
أن مراكبه وقعت على جزيرة من جزائر البحر بيضاء صافية ذات أشجار وأنهار ، فيها قوم خلوق الناس في الانتصاب لهم رؤوس كرؤوس الكلاب والسباع ، فلما دنوا منهم غابوا عنهم ، وفي وسط هذه الجزيرة نهر شديد التيار شديد بياض الماء على شاطئه شجرة عظيمة طيبة الطعم ، عظيمة المنظر ، مشرفة بألوان (٤) ورقها كالحلل لينا وقدرا وحسنا ، وهي تسير بمسير الشمس ، من غدوة إلى الزوال ، إذا زالت الشمس تقلصت وانحطت بانحطاط الشمس ، وغابت بغيبتها ، أحلى من العسل واللبن المزيد ، وورقها أطيب ريحا من المسك ، فأحب قومه أن يحملوا معهم شيئا من ثمرها وورقها ، فلما جمعوا ذلك وأرادوا حمله وقع عليهم ضرب بالسياط ولا يرون من يضربهم ، ثم يسمعون قائلا : ردوا ما أخذتم منها ، ولا تتعرضوا لها فتهلكوا ، فردوه وساروا في عافية وسلامة.
ودخل الإسكندر جزيرة العبّاد :
فوجدها قفراء (٥) مجدبة ، ما فيها غير الحشيش ، وغدران الماء ، وقوم قد أنحلتهم العبادة ، وصاروا كالفحم في سواد الألوان ، فسلم عليهم وسألهم عن عيشهم ومعايشهم ، قالوا : عيشنا ما يسوقه الله تعالى إلينا من أسماك البحر وأصول الحشيش وشرب ماء
__________________
(١) كذا ، والصواب عندهن.
(٢) في الأصل : منهم.
(٣) في الأصل : البلاد ، والألف واللام زائدة في أول الكلمة فحذفتها.
(٤) تحتها في المخطوط كلمة : أنواع.
(٥) في المخطوط : فقراء ، وهو تحريف.