قال : فلما خرجت من عنده عمدت (١) إلى دجاج فائق ، وعملت منه زبرباجة في غاية الحسن ، فلما كان من الغد وقت غدائه جئت إليه وقلت : إني صنعت زبرباجة ، فإن أذنت أحضرتها؟
فقال : نعم ، فأرسلت لمنزلي ، وأتيت بها ، فلما وضعتها بين يديه ، وأكل منها أعجبته عجبا عظيما.
ثم قال : أصنعها طباخ أم طباخة؟
فقلت : طباخة.
قال : حرة أم جارية.
فقلت : بل جارية.
فقال : ما جنسها؟
قلت : سوداء.
فأمسك يده وقال : ارفعوه عني فقد قامت نفسي منها.
ثم قال : إن السود من الخدم لا تخلوا أرحامهم وأطراف أصابعهم من التشقق ، فلا ينقوا بالغسل مع ما فيهم من الصّنة والعرق من وهج النار ، وأكثر أهل العراق لا يرضوا طعامهم.
ومما وقع لعبد الله المأمون (٢) :
أنه (٣) قال : يا أبا إسحاق ـ وهو النديم ـ إن نفسي تشتهي أن آكل اليوم من طعام العامة ، فهل يكون ذلك؟
فقال إبراهيم : يا أمير [المؤمنين] إن رجلا من العوام متكلم لك على جهات بمال ، وإني أكلت عنده يوما طعاما لم آكل قبله مثله وهو حاضر ، فإن أذن الأمير طلبنا منه إن كان عنده شيء حاضر.
فقال : نعم ، وإن لم يكن اليوم فغدا.
فخرج إبراهيم وعاد ، وقال : ذكر أن عنده ما صنعه لغدائه وقد ذهب يأتي به. فما كان إلا ساعة وقد أقبل الحاجب يستأذن لهم ، والرجل اسمه مالك بن شاهي. فدخل
__________________
(١) في المخطوط عمدنا ، وهو تحريف.
(٢) قبل العنوان جاءت عبارة : عن المأمون وهي زائدة عن السياق فحذفتها.
(٣) في المخطوط : أن ، وهو تحريف.