قال المأمون : أمور موكلة بأمور : عدوات الأيام لذوي الأدوات الكاملة واستيلاء الحرمان على الأستار في صنعه. ومعاداة الجهال لأهل الفضل والمعرفة ، فما يعرف فضلك من جهل قدرك ولا يعرف مقامك فالجاهل يعيبه لجهله والعالم يخفيه حسدا لفضله. فكيف الراحة في الدنيا لمن هو مقيم بين حاسد وجاهل؟ ذكره بطيب المقام بين أفاضل الفاضل بينهم فاضل. فهذا زمان حلّ فيه العزلة ، وكان الناس من غير مهلة ، وهيهات والله أن تسلم مما تخاف ولو كنت من وراء قاف.
وقال رعيفة بن الحزمي
معلق بالأنجمي |
|
في رتبة لم يرها |
إلا النسور الحومي |
|
لو جاء والده يرد مطمطى |
ماء الكحيلة بمروة |
|
من خبزه ولو عمى |
عبرة
نزهت نفسي عن نذل أجالسه |
|
وعن تيس له في الفضل تقديم |
النذل عن جليس النذل مشبهة |
|
كذا الرئيس له أنف / وتشهيهم |
فاتركها أبدا ما عشت مجتهدا |
|
وارفع مقامك تعظيما وتكريم |
فكسرة يبست مع خرقة سترت |
|
وكوخ قش له في اليوم ترميم |
ولا وقوفي على باب الرئيس ولا |
|
أبغي له مع وقوف الذل تعظيم |
وفي مصر
وما مصر إلا بلدة ذو عجائب |
|
لها كل فصل فيه جيش مرتب |
ففصل به الناموس تأتي جيوشهم |
|
تفرّ وحوش الأرض منهم وتهرب |
وفصل به الذباب عند جموعهم |
|
كما في البحر أبداننا يضرب (١) |
وفصل به البرغوت والقمل ففيه |
|
يريقوا دمنا فهي على الفرش تسكب |
وفصل به الأرياح والبرد يابس |
|
ووحل وأمطار به البسط يذهب |
فيذهب من العمر في وقعاتهم |
|
ويقرب منا الموت والموت أقرب |
وأعظم من هذا ومما ذكرته |
|
ومما وصفناه من الكل أعجب |
__________________
(١) في المخطوط : يظرب ، وهو تحريف.