وصار يخدم يعقوب ـ عليهالسلام ـ ويجل قدره إلى أن حضرته الوفاة. فأوصى أن يحمل إلى مكانه في الشام ، فحمل في تابوت ، وخرج يوسف عليهالسلام وتبعه الكثير من كبراء مصر ، ووجوه الناس ، حتى دفن في مكانه بعد أن صلى عليه خلق كثير لا يحصى عددهم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. فلما فرغوا من دفنه رجعوا مصر.
وقيل : إن الملك آمن بيوسف وأبيه عليهماالسلام ، وكتم ذلك خوفا على فساد ملكه. وملك الريان مائة وعشرين سنة ، وكان القبط يسمونه نهراوش ، فلما مات استخلف ابنه دارم.
دارم الملك :
لما توفي أبوه وجلس على سرير ملكه أقر يوسف عليهالسلام على حاله خليفة لتدبير ملكه ، وظهر في وقت دارم معدن من فضة على ثلاثة أيام من النيل ، فأصابوا منه شيئا كثيرا وصنع دارم منه صنما على اسم القمر لأن طالعه كان السرطان ، ونصبه على القصر الذي هو رخام بناه أبوه في شرقي النيل ، ونصب حوله أصناما كلها فضة وألبسها الحرير الأحمر ، وعمل للصنم عيدا في السنة وهو إذا دخل القمر السرطان.
وكان دارم يتنقل في أماكن كثيرة يتنزه فيها وكان إذا رام لأحد ضررا منعه يوسف عليهالسلام.
ثم توفي عليهالسلام ، فأمر دارم أن يكفنوه في حلل الملوك ، فغسل ، وكفّن ، وصلى عليه في تابوت من رخام / في الجانب الغربي ، بجعلوه ـ يعني في غربي مصر ـ فأخصب ونقص الشرقي ، فحوّل إلى الشرق ، فأخصب ونقص الغرب ، فجعلوه في كل ناحية عاما. ثم بدا لهم أن يجعلوه في وسط النيل ، فأخصبا معا.
ثم أن دارم عمل واديا منحوتا بين جبلين في الناحية الغربية ، وكنز فيها كنوزا ، فلا يقدر أحد أن يصل إليها ، وجعل إلى باب الخباء بابا من حديد ، وضمده بجماعة من العفاريت يمنعون من يصل إلى ذلك الخباء فمن أراد الدخول إليه سقط من الوادي.
وقيل : جعلها مكشوفة يراها الناس وجعله ذهبا مضروبا في كل مثقال عشر مثاقيل ونقش عليها صورته ، فمن أخذ منها شيئا انطبق عليه الباب الحديد ، فإن رده مكانه فتح له الباب ، وهو بحاله إلى يومنا هذا.
وكان دارم فاسقا لا يسمع بامرأة إلا اعتصر وزاد تجبره ، وكرهه أهل منف ، وشق عليهم أمره.
وكان له وزير عاقل له رأي اسمه : بلاطس فلما رآه كذلك خاف على فساد المملكة ، فدخل عليه وقال : لا يصلح للملوك أن يهجموا على حريم رعيتهم ، ولا أن