وأعطاهم. وأما غالبهم : فإنهم أباعوا له نفوسهم ، ثم أنه بعد أن ملكهم أعتقهم. ولما بلغه أن الشام أصابها من القحط ما أصابها أرسل خلف أبيه وأهله ، وأرسل خرج يوسف عليهالسلام ، فتلقاهم مع جيشه وأهل مملكته ، وقد أتي من فضل الله ورحمته ، خرّوا سجدا لله وشكروا نعمته.
وسمع الملك بقدوم يعقوب عليهالسلام ، فأرسل في طلبه ، فأدخله العزيز وهو يوسف عليهالسلام ، وكان يعقوب عليهالسلام بهيا جميلا ، فلما وقع نظر الملك عليه أحبه وقرّبه وعظّمه وأكرمه ، وأجلسه إلى جانبه وحادثه وآنسه ، ثم أنه سأله عن عمره وصناعته ودينه؟
فقال : عمري عشرون سنة ومائة سنة ، وأما شغلي فكنت أرعى غنما لنا ، وأما الذي أعبده فربّ العالمين ربي وربكم ، وربّ آبائكم الأولين.
وكان في مجلس الملك كاهن اسمه فيتامين ، لما سمع كلام يعقوب عليهالسلام ضاق به ذرعا وقال للريان بلغتهم : إني أخاف أن يكون خراب مصر على يد هذا الولد.
فقال الريان للكاهن : حقق لنا أنت خبره.
قال فيتامين : ما تعبد؟
قال : إلهي أعظم من أن يرى.
قال : فنحن نرى آلهتنا!
قال : لأنها مصنوعة من آلات كالحجارة وغيرها ، والله سبحانه خالقها.
قال : صفه لنا؟
قال : جلّ أن يوصف.
/ ثم أن يعقوب عليهالسلام نهض للقيام غضبا ، فأجلسه الملك وصار يأخذ بخاطره ويسكن ما عنده ، وأمر فيتامين أن يكف عنه ، وقال ليعقوب عليهالسلام : كم عدة من دخل معك إلى مصر؟
قال : ستون رجلا.
فقال الكاهن : هكذا في كتبنا : أن خراب مصر يكون على أيديهم.
قال الملك : هذا يكون في زماننا وفي أيامنا؟
قال : لا ، والصواب قتله ومن معه.
فقال : إن كان الأمر كما زعمت فلا طاقة لأحد على قتله ، وقد مال قلبي إلى هذا الشيخ الحسن.