مدينة انفرد فيها وعمل عليها حصنا ، ونصب عليه أعلاما أربع في كل ركن علما ، وجعل بين تلك الأعلام ثمانين تمثالا من نحاس وأخلاط في أيديها آلات السلاح وزبر على صدورها آياتها.
وكان في منف رجل من أولاد الكهنة له يد في السحر ، فأمر الملك مناقيوس أن يبني له مدينة يسكنها ، فبنى له بلد أخميم ، وتملك عليهم / مناقيوس نيفا وأربعين سنة ، ومات ودفن في الهرم المحاذي لأطفيح ، ونقل معه شيء كثير من الجواهر والمال والأواني والتماثيل وغير ذلك ، وزبر على الهرم اسمه وتاريخ الوقت الذي هلك فيه. وهو أول من عمل الميدان وأمر أصحابه بالرياضة لأنفسهم فيه.
وهو أول من عمل البيمارشان (١) لعلاج المرضى والزمناء ، وأودعها العقاقير ، ورتب فيه أصحاب الطب ، وأجرى لهم ما يكفيهم وأقام عليه الأمناء. وجعل لنفسه عيدا في كل سنة فيجتمع فيه الناس في أكل وشرب وسرور سبعة أيام والملك يشرف عليهم من مجلس له قد أنشأه على عمد مطوقة بذهب وزينه بالفرش المنسوجة بالذهب. وجعل فوق ذلك المجلس قبة وصفح داخلها بالزجاج المسبوك بالذهب ولبسها من خارج بالألوان المختلفة فأضاء لها ذلك المجلس ضياءا قويا ، وكان الناس يتفرجون منها على بعد.
وفي أيام مناقيوس بنيت سره من صحراء الغرب اللواحات (٢) عملها مربعة من حجر أبيض على تقدير واحد ، وجعل لكل حائط من حيطانها بابا في وسطه شارع ينتهي إلى الحائط المحاذي له من الجهة الأخرى ، وجعل في كل شارع يمنة ويسرة أبوابا تنتهي طرقاتها إلى داخل المدينة ، وجعل في وسط هذه المدينة ملعبا يدور به من كل باب وناحيته سبع درج.
وعمل لهذا الملعب قبة من خشب مموه بالذهب على عمد من رخام عليه صنم من صوّان أسود يدور بدوران الشمس ، وجعل في أرجاء القبة صور معلقة من صفر ، تصيح بلغات مختلفة. فكان الملك يجلس على الدرجة العالية من الملعب وحوله بنوه ، وأبناء الملوك وقرائبه.
وعلى الدرجة الثانية من تحت : الوزراء ، والأمراء والكبراء ، ثم أصحاب العلوم مثل الكهنة ، والمنجمون.
وعلى الثالثة : رؤساء الملوك.
__________________
(١) ويقال : البيمارستان ، أي : المصحات أو المستشفيات.
(٢) لعلها ما نعرفه الآن في مصر بالواحات وهي في الصحراء الغربية.