فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر بيمينه ؛ وليثبت للناس : أن قريشا لا تزال قادرة على التحرك ، وأيضا ليشد قلوب المهزومين في بدر.
فلما كان على بريد من المدينة (والبريد اثنا عشر ميلا) نزل هناك ، فاتصل ببعض بني النضير من اليهود ، ثم أرسل بعض أصحابه إلى بعض نواحي المدينة ، فحرقوا بعض النخل ، ووجدوا رجلين فقتلوهما ، وهما : معبد بن عمرو وحليف له ، ثم انصرفوا راجعين ؛ فنذر الناس بهم ؛ فخرج «صلى الله عليه وآله» في طلبهم لخمس خلون من ذي الحجة ، وجعل أبو سفيان وأصحابه يلقون بجرب السويق (١) تخففا للهرب ، فجعل المسلمون يأخذونه ، ولم يدركهم المسلمون ، فعادوا إلى المدينة بعد خمسة أيام (٢).
غزوة ذي أمر :
وفي أول سنة ثلاث للهجرة ، أو لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، كانت غزوة ذي أمر ، ولربما تكون هي غزوة غطفان. جمع فيها دعثور بن محارب في ذي أمر ، جمعا من بني ثعلبة بن محارب لحرب الرسول ، أو ليصيبوا من أطراف المدينة ، فخرج الرسول «صلى الله عليه وآله» إليهم ، وأصاب أصحابه «صلى الله عليه وآله» رجلا يقال له : جبار (أو حباب) ، فأسلم ، ودلهم على الطريق إليهم ؛ فسمعوا بمسير الرسول «صلى الله عليه
__________________
(١) السويق : قمح أو شعير يغلى ثم يطحن ليسف إما بماء ، أو عسل ، أو لبن.
(٢) راجع فيما تقدم : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٧٥ ـ ١٧٧ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤١٠ و٤١١ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢١١ وغير ذلك.