(وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)
وقد نرى أن الله قد أشار إلى اختيارية النسيان حين قال : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)(١).
فإن هذه الآية التي تتحدث عن نسيان آدم للميثاق الذي أخذ عليه قبل نشأته «عليه السلام» من الطين ، بالإقرار بالنبي «صلى الله عليه وآله» وأهل بيته «عليهم السلام» والمراد بالنسيان الترك أي أن النسيان ناشئ عن عدم القدرة على الإحتفاظ بالأمر ، بسبب عدم العلم به ، فإن من يعلم شيئا لا تصح عزيمته على الاحتفاظ به ، فوقع في النسيان بمقتضى هذه الآية الكريمة.
ودليل آخر على اختيارية النسيان وهو قوله «صلى الله عليه وآله» : رفع عن أمتي النسيان ، حيث إنه رفع امتنان وتسهيل. والرفع إنما يكون لما يقبل الجعل والوضع وهو المؤاخذة ، والمؤاخذة إنما تكون على أمر اختياري ومقدور ولو بواسطة القدرة على سببه ، فإن القدرة على السبب قدرة على المسبب كما قلنا.
العصمة في التبليغ وفي غيره :
وبعد ما تقدم نشير إلى أنه إذا ثبتت صفة العصمة له ، وتحققت فيه ، فلا يختص ذلك في مورد دون مورد ، لأن الملكة لا تتبعض ولا تتجزأ ، ولا يصح ما قالوه من أنه «صلى الله عليه وآله» معصوم في التبليغ فقط. وذلك ظاهر لا يخفى.
__________________
(١) الآية ١١٥ من سورة طه.