سورة المائدة ، وقبل هدنة الحديبية بسنوات.
أما رواية القتيبي ، وأبي الفرج فقد صرحت بأن القائل للأعشى ذلك هو أبو سفيان (١).
وبعد تحديد تلك الروايات : أن هذا قد جرى قرب مكة ، بل وفي مكة نفسها ، وبالذات في دار عتبة بن ربيعة ، فلا يمكن الالتفات إلى رواية أخرى ربما يكون الرواة قد تصرفوا فيها لتلائم ما يعتقدونه من أن الخمر قد حرمت بعد الهجرة.
ولربما يكون هذا هو السر في تبديلهم كلمة «يثرب» بكلمة «مكة» في الشعر المنسوب إليه ، وهو الدالية المتقدمة. وإذا كان ذلك القول قد قيل في مكة أو بالقرب منها ، فلا يعقل أن يكون ذلك بعد الهجرة ، وذلك لأن الأعشى كان يسكن : «منفوحة» باليمامة ، والطريق بينها وبين المدينة مستقيم لا يمر على مكة ، والمرور على مكة لا يكون إلا بقصد مستقل لها ، إذ لا يعقل سلوك طريق دائري كهذا لمن يريد المدينة. ولعل فيما ذكرناه كفاية.
لا تدرج في تحريم الخمر :
وفي مجال آخر نقول :
إنه ليس ثمة تدرج في تحريم الخمر كما ادعاه بعضهم (٢) ، وإنما حرمت بشكل نهائي وقاطع في مكة ؛ ثم صارت تحصل تعديات ومخالفات ؛ فكان يتكرر النهي عنها لأجل تلك المخالفات في الموارد الخاصة.
__________________
(١) الأغاني ج ٨ ص ٨٦ ، والشعر والشعراء ص ١٣٦.
(٢) راجع : بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٨.