ويظهر ذلك من ملاحظة خصوصيات الآيات والموارد التي نزلت فيها.
والظاهر : أن إلف الناس للخمر ، وحبهم لها ، والتذاذهم بها ـ مع أنهم يدركون مساوئها ـ يدل على أن تركها كان صعبا عليهم ؛ لأنهم يرون أن ذلك لسوف يفقدهم لذة تحبها نفوسهم ، وأليفا تهفو إليه قلوبهم. ولذلك تراهم يسألون عنها ، ويكررون السؤال ، ويجيبهم القرآن ببيان مساوئها ، وبالزجر عنها ، ولكنهم عنها لا ينتهون ، وغير معاقرتها لا يطلبون ، وهم بذلك لأحكام الله يخالفون. حتى الكبار منهم ، وحتى أبو بكر ، وعمر ، وابن عوف وغيرهم (١) كما سيأتي عن قريب.
بل يظهر : أن بعضهم لم يتركها حتى وفاة الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» (٢).
بل يروي ابن سعد : عن الشعبي : أنه مر على مسجد من مساجد جهينة فقال : «أشهد على كذا وكذا من أهل هذا المسجد من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» ثلاثمائة يشربون نبيذ الدنان في العرائس» (٣).
__________________
(١) راجع : الدر المنثور وتفسير الطبري ، وجميع التفاسير ، في آيات الخمر في سورة البقرة ، والأعراف والنساء والمائدة ، وجميع كتب الحديث في أبواب الأشربة حين الكلام على تحريم الخمر .. والغدير للعلامة الأميني ج ٧ ص ٩٥ ـ ١٠٣ وج ٦ ص ٢٥١ ـ ٢٦١.
(٢) راجع حول شرب الصحابة أو بعضهم للخمر : الدر المنثور ج ٢ ص ٣٢١ و٣٢٢ و٣٢٥ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٥٦٩.
(٣) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج ٦ ص ١٧٥.