سلف ذكرها. ولكن فألهم قد خاب ، فها هو الإسلام يزداد قوة ، واتساعا ونفوذا ، يوما عن يوم. وها هو يسجل في بدر العظمى أروع البطولات ، وأعظم الانتصارات ، فلم يعد يقر لهم قرار ، أو يطيب لهم عيش ، إذ كان لا بد ـ بنظرهم ـ من القضاء على هذا الدين قبل أن يعظم خطره ويكتسح المنطقة ، ويضري بهم إعصاره الهادر.
ج : يقظة المسلمين :
وزاد في حنقهم وقلقهم : أنهم رأوا النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمين معه ، كما أنهم لا يخدعون ، ولا يؤخذون بالمكر والحيلة ، كذلك هم لا يستسلمون للضغوط ، ولا تثنيهم المصاعب والمشقات مهما عظمت. وكلما زاد الإسلام اتساعا كلما زاد الطموح لدى المسلمين ، والضعف لدى خصومهم ، إذا ، فلا بد من اهتبال الفرصة ، ومناهضة هذا الدين ، والقضاء عليه بالسرعة الممكنة.
د : الجيران .. الأعداء :
ويقول الجاحظ : «إن اليهود كانوا جيران المسلمين بيثرب وغيرها ؛ وعداوة الجيران شبيهة بعداوة الأقارب ، في شدة التمكن وثبات الحقد ، وإنما يعادي الإنسان من يعرف ، ويميل على من يرى ، ويناقض من يشاكل ، ويبدو له عيوب من يخالط ، وعلى قدر الحب والقرب يكون البغض والبعد ، ولذلك كانت حروب الجيران وبني الأعمام من سائر الناس وسائر العرب أطول ، وعداوتهم أشد.
فلما صار المهاجرون لليهود جيرانا ، وقد كانت الأنصار متقدمة