ولماذا يعرضنا الله تعالى للوقوع فيما لا يرضى ، ثم يعاقبنا على ذلك بالعذاب في النار ، وحرماننا من الجنة؟!.
ثم إن من يكون مجبرا على الطاعة ، وعلى الابتعاد عن الذنب ، هل يحسن إثابته بالجنان ، وإبعاده عن العقاب والعذاب بالنيران؟!.
الجواب :
إن العصمة عن الوقوع في الذنوب والمعاصي اختيارية ، والكلام حول هذا يحتاج إلى شيء من التفصيل ، فنقول :
الإسلام والفطرة :
إن من يدرس تشريعات الإسلام ويتدبر تعاليم السماء ، يخرج بحقيقة قاطعة ؛ وهي : أن تلك التعاليم والتشريعات منسجمة كل الانسجام مع طبيعة الإنسان وفطرته ، لو لم تطغ على تلك الفطرة عوامل غريبة عنها وافدة عليها. حتى إنك لتجد بعض من عاش في الجاهلية ـ كجعفر بن أبي طالب ، على ما رواه عنه في الأمالي (١) وآخرين غيره ـ قد حرم على نفسه الكذب ، وشرب الخمر ، والزنى ، وعبادة الأوثان.
كما أن قيس بن الأسلت قد فارق الأوثان ، واغتسل من الجنابة ، وأمر بتطهر الحائض من النساء ، وأمر بصلة الرحم إلخ (٢). وعبد المطلب أيضا كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي ، ويحثهم على مكارم الأخلاق ،
__________________
(١) سيأتي في فصل : شخصيات وأحداث حين الحديث حول تحريم الخمر أسماء طائفة ممن حرموا الخمر على أنفسهم.
(٢) السيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ١٩٠ و١٩١.