وثانيا : يمكن أن يكون الخمس قد شرع في بدء البعثة ، وقبل أن يسلم أحد من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، فخمست خديجة أموالها ؛ فنال عليا من ذلك ما ناله ، وبعد أن ولدت فاطمة صارت تشاطر عليا في الخمس.
ولا يلزم من ذلك النص أن تكون فاطمة قد ولدت في أول البعثة ، أو قبلها ، كما ربما يتوهم.
النبي صلّى الله عليه وآله يرد الخمس على أصحابه أيضا :
وكما أنه لم يأخذ الخمس في بدر ، فإنه لم يأخذه في غيرها أيضا. فقد ورد أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد الخمس على أصحابه في قصة حنين ، حيث : «تناول (أي النبي «صلى الله عليه وآله») من الأرض وبرة من بعير ، أو شيئا ، ثم قال : والذي نفسي بيده ، ما لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس ، وهو مردود عليكم» (١).
فهذا كان حال النبي «صلى الله عليه وآله» معهم ، ولكن غير النبي «صلى الله عليه وآله» قد استأثر بالفيء ومنعه أهله ، بل حرم ورثة النبي «صلى الله عليه وآله» من ميراثه ، كما هو معلوم. ولسوف نتكلم حول تشريع الخمس في الأرباح والأموال ، في فصل مستقل يأتي إن شاء الله ، بعنوان : «بحوث ليست غريبة عن السيرة».
__________________
(١) الموطأ ج ٢ ص ١٤ المطبوع مع تنوير الحوالك ، والأموال لأبي عبيد ص ٤٤٤ و٤٤٧ ، والفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ١٢٢ ، ومسند أحمد ج ٥ ص ٣١٦ و٣١٩ و٣٢٦ ، والثقات ج ٢ ص ٧٨.