التوضيح والتطبيق :
إن الأنبياء ، ثم الأئمة «عليهم السلام» ، بسبب التوفيقات والعنايات الإلهية وفوق كل ذلك بسبب الوحي والاتصال بالسماء ، وبسبب أنهم إنما انتقلوا من الأصلاب الشامخة إلى الأرحام المطهرة ، فلم يرثوا إلا الصفات الحميدة والكمالات الفريدة. نعم بسبب ذلك صاروا هم القمة في سعة إدراكهم لآثار ومناحي السلوك الإنساني ، والقمة أيضا في إدراك الواقع الذي يواجهونه ، وما يترتب عليه من آثار ونتائج ، إن سلبا وإن إيجابا على المدى البعيد والقريب على حد سواء ، إدراكا حقيقيا لا يقبل الشك ولا الترديد.
وهم القمة في الملكات والقوى الفكرية والنفسية الفاضلة ، وهم أحكم الناس حكمة ، وأعقلهم عقلا ، وأشجعهم شجاعة ، وأكمل الخلق ، وأفضلهم في كل الصفات الكريمة ، والأخلاق النبيلة العالية ، ولأنهم أيضا لا يمكن أن يشذوا عن مقتضيات الفطرة ، وسنن الجبلة الإنسانية. وحين يكون عقلهم من القوة بحيث لا تستطيع سائر القوى الباطنية من الشهوات والغرائز أن تخدعه ، وتسيطر عليه ، بل هو الأقوى دائما ، وهو الذي يتحكم بها ، وينظمها ، ويسيرها ، ويهيمن عليها.
فإذا كان الأنبياء والأئمة «عليهم السلام» كذلك ، فإنهم ـ ولا شك ـ سوف يكونون معصومين بحسب فطرتهم وجبلتهم عن الإقدام على أي ذنب أو عمل مشين ، كما لا يقدم الطفل على النار ، والعقلاء على تناول السم ، وعلى أي شيء يرونه مضرا بشخصيتهم ، وبوجودهم ، وبمصيرهم ، ومستقبلهم.
فكمال العقل إدراكه لما يضر وينفع ، وللحسن والقبح ، ومعرفته بالله