د : التورية بالغزوات :
لقد رأينا أيضا : أنه «صلى الله عليه وآله» في غزوة بحران لم يظهر وجها للسير ، وذلك لا يختص بهذه الغزوة! إذ قد كان من عادته «صلى الله عليه وآله» : أنه إذا أراد غزوة ورى بغيرها (١).
ومعنى ذلك : هو أنه «صلى الله عليه وآله» أراد تفويت الفرصة على عيون العدو وجواسيسه ، إن كان له ثمة عيون وجواسيس ، وعلى المنافقين الذين يوادون من حاد الله ورسوله ، وكذلك على اليهود الذين كانوا لا يألون جهدا ، ولا يدخرون وسعا في مساعدة أعدائه ضده ، ولا أقل من أنهم كانوا يهتمون في أن يفوته أعداؤه ، ولا يتمكن من الظفر بهم. وأسلوب إخفاء أمره «صلى الله عليه وآله» في فتح مكة كان رائعا جدا.
ولسوف يأتي التعرض له في موضعه من هذا الكتاب ، إن شاء الله تعالى.
ه : قريش في مواجهة الأخطار :
إن سرية زيد بن حارثة للاستيلاء على قوافل قريش قد جاءت في سياق السياسة القاضية بالمحاصرة الاقتصادية لقريش وباسترجاع الأموال التي تمالأ المشركون على حرمان المسلمين منها ؛ حيث اضطروهم إلى ترك أوطانهم ، وديارهم ، وأموالهم ، والهجرة إلى موضع يجدون فيه الحرية ، والأمن.
وقد سمعنا كلام صفوان ، وأبي سفيان ، الذي يوضح لنا : أن قريشا قد
__________________
(١) المصنف ج ٥ ص ٣٩٨ ، والمنتقى لابن تيمية ج ٢ ص ٧٦٥.