أيضا ، لاحتج به قدامة على عمر ، ليدرأ الحد عن نفسه. ولاحتج أيضا بموقف النبي «صلى الله عليه وآله» من حاطب ، كما أن من الصعب على عمر نفسه أن يقدم على مخالفة أمر نبوي بهذا الوضوح والمعروفية (١).
هذا كله بالإضافة إلى أن شيوع هذه الفقرة عن النبي «صلى الله عليه وآله» بما لها من هذا المعنى الذي يدعيه هؤلاء ، يلائم المصالح السياسية في أحيان كثيرة ، الأمر الذي يقوي الظن بأن للسياسة يدا في تأكيد ونشر هذا المعنى.
من هم أفضل من أهل بدر؟!
ونسجل هنا : أننا نجد سعد بن أبي وقاص يكاد يفضل جيشه في حرب المدائن على أهل بدر ، فيقول : «والله ، إن الجيش لذو أمانة ، ولو لا ما سبق لأهل بدر لقلت وأيم الله : على فضل أهل بدر ، لقد تتبعت من أقوام هنات وهنات فيما أحرزوا ، وما أحسبها ولا أسمعها من هؤلاء القوم» (٢).
بل إن كعب بن مالك يفضل ليلة العقبة على بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها (٣).
نعم ، هذا هو شأن بدر عندهم ، وشأن غيرها. ولكنهم لم يحكموا لغير
__________________
(١) راجع حول عدالة الصحابة كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ٢.
(٢) حياة الصحابة ج ٣ ص ٧٥٨ عن تاريخ الطبري ج ٣ ص ١٣٨.
(٣) البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٣ عن البخاري ، وأبي داود ، والنسائي ونحوه ، مفرقا ومختصرا ، وروى الترمذي بعضه ، والبيهقي ج ٩ ص ٣٣ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٤٧٥ عمن تقدم ، وعن الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٣٦٦.