٣ ـ أكثر اليهود لا يؤمنون بالبعث :
واليهودي يكره الموت ، وهو يتمنى لو يعمر ألف سنة ، قال تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ ، وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ)(١).
ولعل سر ذلك يعود إلى أن توراة اليهود المحرفة الحاضرة لم تشر بشكل واضح إلى البعث والقيامة ، وإنما ورد حديث عن الأرض السفلى ، والجب التي يهوى إليها العصاة ، ولا يعودون (وإن الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد).
ويقول البعض : إن الكتاب المقدس نفسه يعد الحياة الدنيا وحدها هي عالم الإنسان ، وليس هناك اعتقاد بعد ذلك في بعث وجنة أو نار ؛ وثوابهم وعقابهم مقصوران على الحياة الدنيا.
وعلى العموم ، فإن فكرة البعث لم تجد لها أرضا خصبة لدى اليهود ، وقد حاول بعض طائفة الفريسيين القول بها ، ولكن هذه المحاولة لقيت معارضة شديدة ، أما باقي الفرق اليهودية ، فلم تعرف عنها شيئا.
وإذا كان الإنسان لا يعتقد بالبعث ، ويؤمن بأن الجزاء ليس إلا في هذه الدنيا ، فمن الطبيعي أن يسعى إلى المنكرات واقتراف الآثام (٢).
ملاحظة : هذا ، وقد تفاقم فيهم حبهم للدنيا حتى بلغ بهم الحرص عليها : أن حرمهم من الاستفادة من الأموال التي يجمعونها ، فتجد الكثيرين
__________________
(١) الآية ٩٦ من سورة البقرة.
(٢) راجع : أحكامهم هذه في كتاب ، مقارنة الأديان (اليهودية) ص ١٩٩ و٢٠٠ ، واليهود في القرآن ص ٣٧.