وينهاهم عن دنيئات الأمور ؛ وكان يعتقد بالآخرة ، ويوحد الله سبحانه ، وتؤثر عنه سنن جاء القرآن بأكثرها ، وجاءت بها السنة ، منها الوفاء بالنذر ، والمنع من نكاح المحارم ، وقطع يد السارق ، والنهي عن قتل الموؤودة ، وتحريم الخمر ، والزنى ، وأن لا يطوف بالبيت عريان (١).
ولقد صرح القرآن ، وتعهد والتزم بأن يكون هذا الدين هو دين الفطرة ، بحيث لو ثبت منافاة أي من تشريعاته وتعاليمه لفطرة الإنسان لأمكن رفضه ، والحكم عليه بأنه غريب ودخيل ، وليس من تعاليم السماء في شيء. قال تعالى :
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٢).
وما ذلك إلا لأن الإنسان ـ على حد تعبير العلامة الطباطبائي رحمه الله تعالى ـ : «.. مفطور بفطرة تهديه إلى تتميم نواقصه ، ورفع حوائجه ، وتهتف له بما ينفعه وما يضره في حياته.
قال تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)(٣).
فالدين الإسلامي هو ذلك النظام الذي يهدي الإنسان ويدله على ما فيه خيره وسعادته ، ويجنبه ما فيه شقاؤه وبلاؤه ؛ وهو يوافق ما ألهمه الله لنفس الإنسان ، وعرفها إياه ، وينسجم معه ؛ ويحتضن العقل ، ويحفظه ،
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ١ ص ٤ ، والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش السيرة الحلبية) ج ١ ص ٢١.
(٢) الآية ٣٠ من سورة الروم.
(٣) الآية ٨ من سورة الشمس.