بناء على هذا : إنه لو كان ضريرا لكان الاعتذار عن عدم حضوره الحروب بالعمى أولى من الاعتذار بالجبن.
وأما إذا كان مقصود عائشة : أن الله ابتلاه بالعمى بعد الإفك بسنوات عديدة ، وبعد وفاة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ليكون ذلك هو العذاب العظيم له ،
فالجواب : أن ذلك مجرد اجتهاد من عائشة إذ من الذي أخبرها : أن هذا العمى قد جاء على سبيل العقوبة وليس له سبب آخر؟! ولقد رأينا كثيرين ابتلوا بالعمى ، ولا يعتبر ذلك أحد أنه عقوبة وعذاب عظيم لهم .. مثل : عقيل ، والعباس ، وابن عباس ، وجابر الأنصاري ، وأبي سفيان بن الحارث .. وغيرهم.
ب ـ جبن حسان :
وأما قولهم : بأن جبن حسان كان بسبب ضربة صفوان له :
فيكذبه أولا : قولهم : إن الضربة وقعت في يده ، كما تقدم.
ويكذبه ثانيا : قضيته مع صفية واليهودي الذي قتلته ، وجبن حسان عن النزول لقتله ، وحتى عن سلبه.
وهذه القضية كانت في وقعة الخندق (١) .. التي عرفت تقدمها على المريسيع ، وعلى حديث الإفك ، وعلى ضرب صفوان له.
__________________
(١) الإصابة ج ٤ ص ٣٤٩ ونكت الهميان ص ١٣٤ و ١٣٥ وغرر الخصائص الواضحة ص ٣٥٥ وقاموس الرجال ج ٣ ص ١١٩ وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٩٣ ومعاهد التنصيص ج ١ ص ٧٤ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٦ وعن تاريخ ابن عساكر ج ٤ ص ١٤٠.