لم يقل أحد من الأئمة : أن ذلك يوجب حدين .. كما أنه لم يقل أحد : أن العذاب العظيم في الآية هو ذلك (١).
٦ ـ وأما حدّهم في الآخرة ، ثمانين ثمانين (٢) ، فلم نعرف له وجها ، بعد أن كانت الحدود تشريعات دنيوية محضة .. وليس في الآخرة سوى العذاب الأليم لهم ، بنص آيات الإفك نفسها.
٧ ـ ويبقى هنا سؤال .. لماذا أخّر النبي «صلىاللهعليهوآله» حد القاذفين طيلة شهر ، أو أكثر من خمسين يوما ، من بدء إفكهم ، حسبما تقدم؟! حتى شاع ، وتناقلته الألسن!!
إعتذارات غير مقبولة :
وقد يعتذر عن ذلك : بأن آيات حد القذف لم تكن قد نزلت بعد ، فلما نزلت حدّهم ، ويدل عليه : استعذار النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وأن ابن معاذ قال : إنه يقتل الإفك ، ولو كان حكم القذف معلوما لقال ابن معاذ وسائر الناس حكم القذف معلوم ، ويدك مبسوطة (٣).
وجوابه : أن معنى ذلك : أنهم قد ارتكبوا ذنبا لم يكن قد نزل حكمه بعد ، فكيف يؤاخذون به؟! فإن ذلك غير مقبول في العادة والعرف.
ولو كان للحدود هذا المفعول الرجعي للزم أن يعاقب النبي الصحابة جميعا على كثير من المخالفات التي صدرت منهم ، ثم نزلت عقوباتها بعد
__________________
(١) تفسير الميزان ج ١٥ ص ١٠٣.
(٢) الدر المنثور ج ٥ ص ٣٧ عن الطبراني.
(٣) راجع في التوجيه ، وجوابه : تفسير الميزان ، للطباطبائي ج ١٥ ص ١٠٢ و ١٠٣.