ووجّه العسقلاني ذلك : بأن عدم افتقادها يمكن أن يكون لأجل أنهم استصحبوا وجودها معهم ، أو أنهم اشتغلوا بحط رحالهم ، ولم يفتقدوها (١).
ولكنه توجيه غير مقبول ، فإنها قد صرحت بأنهم قد نزلوا واطمأنوا.
وإن الذين مشوا ليلة ونصف يوم لا بد أن يفتقدوا زوجة نبيهم ، ولو لأجل الطعام والشراب ، فضلا عن الصلاة!!
والغريب هنا : أننا نجدها تقول ـ على ما في رواية الواقدي ـ : «كنت أظن : أني لو أقمت شهرا لم يبعثوا بعيري ، حتى أكون في هودجي» (٢).
وهذا يعني : أنهم كانوا يعرفون بخروجها من هودجها ، وأنها ليست فيه.
فهل قد تعمدوا تركها في الصحراء؟!
وإذا كانوا لا يعرفون بنزولها من هودجها ـ كما تقوله بعض الروايات الأخرى ـ فكيف إذن كانت تظن هذا الظن .. أم أنها ترى أنهم كانوا يعلمون الغيب؟! أو ترى أن لديهم حاسة شم قوية ، يدركون فيها وجودها وعدمه؟ عجيب أمر عائشة وأي عجيب!!
٨ ـ البكاء شاهد على البراءة :
وفي بعض الروايات تذكر : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» حينما سمع ببكاء آل أبي بكر ، قام إلى المسجد ، فاستعذر من الإفكين ، ثم عاد واستشار ، وقرر عائشة.
ونقول :
__________________
(١) فتح الباري ج ٨ ص ٣٤٩.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٤٢٨ وفتح الباري ج ٨ ص ٣٤٧.