السرايا للبحث عنها في كل حدب وصوب ، ويبذل كل ما في وسعه من أجل الوصول إليها؟!
ثم إن الرسول الكريم لا يمكن أن يغفل عن واجباته ، وهو أشد الناس اهتماما براحة مرافقيه ، وتوفير حاجاتهم .. فهل يعقل أن لا يفكر في أن زوجته قد تحتاج إلى الطعام والشراب طيلة ليلة ونصف يوم؟! إن ذلك لا يصدر عن أي إنسان عادي ، فكيف بالنسبة لعقل الكل ، وإمام الكل ، ومدبر الكل؟!
وإذا كان هو «صلىاللهعليهوآله» قد غفل عن ذلك ، فهل غفل عنه أيضا سائر من كانوا معها ويفترض فيهم أن يهيئوا لها حاجاتها؟!
وكيف لم يلتفتوا إليها أيضا في أوقات الصلاة ، حيث تحتاج إلى تجديد الوضوء ، وإلى المكان المستور الذي تؤدي فيه صلاتها؟! ولو أنها قد صلت في رحلها ، فكيف توضأت؟
والغريب في الأمر هنا : أن عائشة نفسها تقول : إنها كانت تظن أنهم سوف يفتقدونها .. ولكن ظنها قد خاب ، حيث لم يفتقدها أحد حتى زوجها.
يضاف إلى ما تقدم : أنهم يذكرون : أنه قد كان من عادته «صلىاللهعليهوآله» أن يساير هودجها ، ويتحدث معها (١).
ولكنه في تلك الليلة بالذات .. ولأن عقدها ضاع ، وضاعت معه .. ولأنه لا بد من إحكام قضية الإفك .. غيّر النبي عادته ، ولم يساير هودجها ، ولا تحدث معها!!!
__________________
(١) فتح الباري ج ٨ ص ٣٤٩.