هذا عدا عن أن الرواية مرسلة ، إذ قد أورد هذه الرواية ابن سعد ، وأحمد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ذكوان ، فأسقط البخاري ذكوان من سند الرواية ، أو أنه أسقط غيره لا ندري ، فتكون مرسلة لا حجة فيها ، لأن ابن أبي مليكة لم يشهد ذلك ولا سمعه من ابن عباس حال قوله لعائشة من دون توسط ذكوان أو غيره (١).
ووجه العسقلاني ذلك : بأن من المحتمل أن يكون شهد ذلك لكنه نسيه ، فذكره به ذكوان (٢).
وبقي في المقام كلمات بعض التابعين ، كالضحاك ، ومجاهد ، وابن سيرين ، وأضرابهم حول كون حديث الإفك في عائشة .. ويكفي إرسالها ضعفا فيها ، فضلا عن سوى ذلك.
خلاصة جامعة :
وحسبنا ما ذكرناه حول أسانيد روايات الإفك ، فإن فيما ذكرناه مقنعا للمنصف الخبير ، والناقد البصير ..
وتكون النتيجة بعد تلك الجولة هي : أنه لا روايات الصحاح ، ولا غيرها يصح الاعتماد عليها سندا لإثبات حديث الإفك ، ونسبته إلى عائشة .. وإن غالب ما ورد في ذلك إما مرسل ، أو معلق ، أو منقطع .. والمتصل منه ضعيف السند ، لا يصح الاعتماد عليه ..
وقد اتضح أيضا : أن عمدة تلك الأحاديث ، وجلها إن لم يكن كلها
__________________
(١) فتح الباري ج ٨ ص ٣٧١ و ٣٧٢.
(٢) فتح الباري ج ٨ ص ٣٧١ و ٣٧٢.