ينتهي إلى عائشة ، ويبدأ بها .. وفضلا عن أنها جميعا لم تسلم أسانيدها من الطعن والتضعيف : فإننا قد وجدناها متناقضة متباينة كما سيتضح ..
ولعله يجوز لنا هنا أن نسأل : إن قضية بهذه الأهمية ، وحصل لها مثل ذلك الشيوع والاشتهار ، حتى لم يبق بيت ، ولا ناد ، إلا طار فيه ، حتى إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد خطب الناس لأجلها مرتين ، ونزلت فيها آيات قرآنية كثيرة ، نعم ، إن قضية هذا حالها ، كيف لم ترو إلا عن عائشة؟ أو على الأقل لا يمكن إثباتها إلا من قبلها؟! إن ذلك لعجيب حقا!! وأي عجيب!! ..
وأخيرا .. وإذا جاز للزهري : أن يتهم عائشة ، وعروة على بني هاشم وعلي «عليهالسلام» ، وينسب إليها : أنها لا تتورع من أن تنسب لهم ما ليس بحق ، بدافع من حقدها عليهم ، وبغضها لهم.
فلماذا لا نجيز نحن لأنفسنا : أن نحتمل أن حب عائشة لنفسها ، أو على الأقل حب أتباعها لها ، وبغضهم لعلي ولا سيما عروة بن الزبير ، وذكوان ، ومسروق بن الأجدع ومن هو منها بسبب ، أو بسبيل ، قد دفعهم إلى نسبة القضية لعائشة وتزيدوا فيها ما شاءت لهم قرائحهم ، على اعتبار : أن ذلك يرفع من شأن عائشة ، لنزول آيات قرآنية فيها من جهة .. ويحرم عليا من فضل كشفه لحقيقة الإفك التي جرت لمارية ، ويبرئ أقواما قد دنسوا أنفسهم فيها؟
ولهذا نلاحظ : حرص رواية عائشة على اتهام علي «عليهالسلام» بمجانبة الحق واتباع الهوى ، ولهذه القضية نظائر كثيرة.
وعلى كل حال .. فإننا سوف نرجئ إصدار حكم قاطع في ذلك بعد النظر في متون روايات الإفك هذه ، والتدبر فيها ؛ فإلى الفصول التالية.