فترة وقعة المريسيع .. التي كانت من الفترات الصعبة على النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وأهل بيته ، حتى إنه ربما كانت تمضي عليه ثلاثة أيام بلا طعام. وكان يشد الحجر على بطنه من الجوع ، ولم تنفرج الحالة إلا بعد خيبر ، كما تقول عائشة في معرض وصفها لحالة النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وأهل بيته المقرحة للقلوب في هذه الفترة (١).
وقد ذكرت : أن الأنصار كانوا دائما يتفقدونهم بجفان الطعام ، وجفنة سعد بن عبادة مشهورة.
فإذا كان أبو بكر من أهل الفضل والسعة في المال ، كما تنص عليه الآية .. فلماذا لم يكن ينفق على ابنته ، فضلا عن أن يهدي للنبي «صلىاللهعليهوآله» وأهل بيته ، كما كان يفعل سعد بن عبادة؟! وإذا كان يفعل ذلك ، فلماذا لم يرو لنا أحد شيئا يذكر من ذلك؟!
لا مال لأبي بكر لينفق على أحد :
ولقد كان أبو بكر خياطا ، ولم يكن قسمه في الغنائم إلا كواحد من المسلمين ، ولهذا احتاج إلى مواساة الأنصار له (٢) في المدينة.
وأما المال الذي يقال : إنه حمله من مكة إلى المدينة : خمسة آلاف أو ستة آلاف .. فنحن لا نجده أنفق منه على ابنته أسماء التي تزوجت الزبير ، وهو فقير لا يملك شيئا سوى فرسه ، فكانت تخدم البيت ، وتسوس الفرس ، وتدق النوى لناضحه ، وتعلفه ، وتستقي الماء .. وتنقل النوى على رأسها من
__________________
(١) راجع : طبقات ابن سعد ج ١ قسم ٢ ص ١٢٠ وليراجع من : ص ١١٣ حتى ١٢٠.
(٢) تلخيص الشافي ج ٣ ص ٢٣٧.