مارية ، التي ماتت في عهد عمر ، وليس لها أحد يهتم بقضاياها أو يدافع ، قد حرفت لتنطبق على عائشة. وقد كان هذا تحريفا فاحشا ، أفقدها معظم معالمها ، حتى لم يبق منها إلا لمحات خاطفة ، تشير بصراحة أحيانا ، وبشيء من الوهن أحيانا أخرى إلى القضية الأم ، التي ذهبت ضحية الأهواء والميول ، والخطط السياسية التي لا ترحم ، ولا تقف عند حد.
ونحن نجمل هنا بعض تلك الشواهد في النقاط التالية :
شواهد من حديث عائشة
: ١ ـ إن الآيات التي في سورة النور ، ليس فيها إلا ما يدل على البراءة الشرعية ، دون الواقعية ، فهي لا تصلح لدفع ما يدّعى أن أهل الإفك قالوه في عائشة ، إذ لهم أن يقولوا : صحيح أن ذلك لم يثبت شرعا ، لكن عدم ثبوته شرعا بالشهداء ، لا يدل على البراءة واقعا ، ولا كان مع عائشة أحد يمكنه تبرئتها ، كما هو مفروض الرواية.
أما في قضية مارية فالبراءة الشرعية قد حصلت بالآيات ، والبراءة الواقعية قد حصلت على يد الإمام علي «عليهالسلام» ، بانكشاف حقيقة مأبور.
فسياق الآيات الشديد لا يتلاءم إلا مع وجود براءة واقعية ، وإلا لم يكن معنى لهذه الشدة ، والتوعد باللعن في الدنيا ، والعذاب العظيم في الآخرة. كما لا معنى للوم الناس على عدم ظنهم خيرا ، وعلى عدم حكمهم بأن ذلك بهتان عظيم ، وإفك مبين.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي : «.. وجرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عائشة ،