أشهر .. مع أننا لم نجد النبي «صلىاللهعليهوآله» قد فعل ذلك في أي مورد أبدا.
وربما يقال في الجواب أيضا : إن حكم القذف كان معلوما مع عدم الشاهد ، وهو الجلد ، وتبرئة المقذوف شرعا .. فتأخير النبي «صلىاللهعليهوآله» إجراء الحد عليهم ، كان بهدف الانتظار إلى حين نزول براءة ذيلها واقعا بالآيات.
ولكنه جواب لا يصح أيضا : لأن ما أتى به الوحي لا يزيد على ما تعينه آية القذف من براءة المقذوف براءة شرعية وظاهرية ، لأن الآيات الست عشرة تستدل على كذب الإفكين بعدم إتيانهم بالشهداء ، وهذا دليل البراءة الظاهرية لا الواقعية .. ولا ملازمة بين الحكم الشرعي بالبراءة ، وبين البراءة الواقعية .. وقوله تعالى : (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) .. إنما أثبت البراءة ، التي يشترك بها جميع المقذوفين ، من غير قيام بينة .. والبراءة المناسبة لهذا المعنى هي الشرعية (١).
قال النيسابوري والزمخشري ، والنص له : «جعل الله التفصلة بين الرمي الصادق والكاذب ثبوت شهادة الشهود الأربعة ، وانتفاؤها .. والذين رموا عائشة لم تكن لهم بينة ، على قولهم ، فقامت عليهم الحجة (عند الله) ، أي في حكمه وشريعته كاذبين ..» (٢).
وهذا هو معنى البراءة الشرعية لا الواقعية.
وعلى هذا .. فالآيات لا يمكن أن تتناسب مع روايات الإفك هنا ، بل لابد من البحث عن مصداق آخر لها .. وسيأتي تحقيق الكلام في ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) الكشاف ج ٣ ص ٢١٩ وتفسير النيسابوري بهامش الطبري ج ١٨ ص ٦٤.