فيبقى الدّليل في باقي الجمل سالما عن المعارض. وإنّما خصّصنا الأخيرة لكونها أقرب ، ولأنّه لا قائل بالعود الى غير الأخيرة خاصّة.
واعترض (١) عليه : بأنّه إن كان المراد بمخالفة الاستثناء للأصل أنّه موجب للتجوّز في لفظ العامّ ، فهو مسلّم ، سيّما على مذهب الجمهور (٢) ، ولكن تعليله بمخالفة الحكم الأوّل فاسد ، إذ لا مخالفة فيه للحكم الأوّل على قول من الأقوال في وجوه تقرير الجملة الاستثنائية كما مرّ سابقا (٣).
وأيضا (٤) تعليل ترك العمل في الجملة الواحدة (٥) بدفع محذور الهذريّة غلط ، لدلالة نصّ الواضع ورخصته النوعيّة على جواز الخروج عن أصالة الحقيقة عند قيام القرينة ، مع أنّ تخصيص الجملة الأخيرة مقطوع به ، ولا حاجة فيه الى التمسّك برفع الهذريّة ، لأنّه لو صلح بمجرّده سببا للخروج عن الأصل ، لجاز ف المنفصل في النطق عرفا أيضا. وإن كان المراد أنّ ظاهر المتكلّم بالعامّ إرادة العموم (٦) وإرادة العموم إقرار ، والاستثناء مستلزم لإنكار بعضه ، ولا يسمع الإنكار بعد الإقرار ، فالاستثناء مخالف للأصل ـ يعني هذه القاعدة ـ أو أنّ إرادة العموم بعد ما بيّنا من الظهور مستصحبة ، والاستثناء مزيل له ، فهو مخالف للاستصحاب.
__________________
(١) المعترض هو صاحب «المعالم». فيه ص ٢٩٦.
(٢) القائلون بأنّ العام المخصّص في الباقي مجاز مطلقا.
(٣) في رفع التناقض.
(٤) في «المعالم» : ص ٢٩٦.
(٥) أي ترك العمل بالدليل يعني بالأصل في الجملة الواحدة.
(٦) الى هنا مثله ذكر في «المعالم» ولكن بلا إرجاعه الى قاعدة الانكار بعد الاقرار وكذا الكلام الّذي بعده مثله في «المعالم». راجع ص ٢٩٦ منه.