أيضا ، بل إنّما هو من جهة الأقربيّة ونحوها.
فها هنا مقامات ثلاثة (١) اعتبرها المستدلّ وغفل عنها المعترض.
وأمّا العلاوة التي ذكرها المعترض أخيرا (٢).
ففيه : أنّ عدم سماع الاستثناء المنفصل عن النطق إنّما هو لعدم ثبوت الرّخصة من الواضع في أصل تعليق الاستثناء في مثله ، فأصل ترتيب الكلام فيه غلط مخالف لضوابط الوضع ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ استعماله بعد العمومات المتعدّدة صحيح وارد في كلام الفصحاء ، لكنّه لحقه الإجمال فصار مثل المجملات ، فلا بدّ حينئذ لرفع القبح عن كلام الحكيم ودفع لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، من الإرجاع الى أحد العمومات والتمسّك في نفيه عن أكثر منه بالأصل ، والاكتفاء بالأخيرة إعمالا للدليلين.
وأمّا التقرير الثاني : فمقتضاه أنّ توهّم التناقض وظهور المخالفة للحكم الأوّل في الاستثناء صار سببا للعدول عن القاعدة ، وهي أنّه لا يسمع الإنكار بعد الإقرار ، فلمّا كان ظاهر الجملة الاستثنائية سماع الإنكار بعد الإقرار مثلا ، فصار مخالفا للأصل ، فعدلنا عنه في جملة واحدة لدفع الهذريّة ، الى آخر ما ذكرنا في
__________________
(١) أحدها : أن يكون الاستثناء للإخراج وصيرورته قرينة للمجاز من جهة رخصة الواضع ولكن الثابت هو في الجملة لا مطلقا. وثانيها : الحكم يتعلّق ما في صورة الإجمال. والثالث : تعيين الأخيرة.
(٢) وهو الشيخ حسن في «المعالم» : ص ٢٩٦ كما عرفت من اعتراضه المذكور. وفي الحاشية ، بقوله : مع أنّ تخصيص الجملة الأخيرة ومطمح النظر منها هو ذيل العلاوة المذكور بقوله : فإنّه لو صلح بمجرده ... الخ وإلّا فجزؤه الأوّل وهو قوله : مع أنّ تخصيص الأخيرة قد مرّ دفعه.