لنا : أنّ المقتضي ـ وهو اللّفظ الموضوع للعموم ـ موجود ، والمانع مفقود ، وما يتصوّر مانعا سنبطله ، ولعمل العلماء والصحابة والتّابعين على العمومات الواردة على أسباب خاصّة ، بحيث يظهر منهم الإجماع على ذلك ، كما لا يخفى ذلك على من تتبّع الآثار وكلام الأخيار.
احتجّوا : بأنّه لو كان عامّا في السّبب (١) وغيره ، لفاتت المطابقة بين الجواب والسّؤال.
وفيه : أنّ المطابقة إنّما يحصل بإفادة مقتضى السّؤال ، والزيادة لا تنفي ذلك مع ما فيه من كثرة الإفادة ، وبأنّه لو كان يعمّ غير السّبب لجاز تخصيص السّبب وإخراجه بالاجتهاد كما يجوز في غيره ، والتالي باطل (٢) والمقدّم مثله.
__________________
ـ وصرّح عن «المبادئ» : بأنّه ليس مخصّصا خلافا للشافعي ، هذا وقد ذكر على حاشية «التبصرة في اصول الفقه» : ص ١٤٥ بأنّه : قد نسب إمام الحرمين في «البرهان» كما قاله ابن السبكي ـ نسب هذا القول [أي السبب مخصّص للجواب] للشافعي فقال : وهو الذي صحّ عندنا من مذهب الشافعي وتبع ابن الحاجب إمام الحرمين في هذه النسبة ، ولكن الحق الصريح والقول الصحيح أنّه الإمام الشافعي لم يقلّ به أبدا ، والفروع الفقهية التي أوردها في «الامّ» وغيره تدلّ على أنّه كان يذهب مذهب الجمهور في هذه المسألة ، ومن فهم منه أنّه يقول بخصوص السبب إنّما فهمه على غير حقيقته. وقد أطال ابن السبكي في الكلام عنه في كتابيه «رفع الحاجب» : ١ / ٣٧٨ و «الإبهاج» : ٢ / ١١٧ وبيّن أنّ مذهبه مذهب الجمهور ، وقال الاسنوي في شرحه على البيضاوي في رده على الجويني : وما قاله الإمام مردود فإنّ الشافعي قد نصّ على أنّ السبب لا أثر له. فقال في «الأم» في باب ما يقع به الطلاق وما يصنع السّبب شيئا إنّما تصنعه الألفاظ. راجع «ميزان الأصول» : ١ / ٤٨١.
(١) اي على السّبب.
(٢) لأنّ الإخراج الموردي غير صحيح كما أفاد في الحاشية.