إنّ مرادهم في مقام لزوم الجمع مع الإمكان من عدم الرّجوع الى المرجّحات الخارجيّة ، إنّما هو بالنسبة (١) الى الهجر والترك والإسقاط ، لا بالنسبة الى إرجاع أحدهما الى الآخر ، فإنّ إرجاع أحد الدّليلين الى الآخر أو إرجاعهما الى ثالث ، يقتضي إخراج اللّفظ عن الحقيقة الى المجاز ، إذ العمل بالمتخالفين مع بقائهما على حقيقتهما ممّا لا يمكن بالضّرورة.
فكما يمكن إخراج العامّ عن حقيقة العموم ، يمكن إخراج الخاص عن حقيقة الخصوص أيضا ، فلا بدّ في توجيه التأويل الى أحدهما دون الآخر من مرجّح ، فلا ينافي عدم الرّجوع الى المرجّحات فيما أمكن فيه الجمع من جهة القبول مطلقا (٢) والإسقاط مطلقا ، وجوب الرّجوع اليها في إرجاع التأويل الى أحدهما دون الآخر (٣).
ومرادهم من العمل بالدليلين ، العمل بهما على ما هو مقتضى مدلولهما إمّا بالحقيقة أو بالمجاز الذي يصحّ في محاورات أهل اللّسان ، وهو ما وجد فيه العلاقة المصحّحة المقبولة عند أهل البيان ، والقرينة الصّارفة عن الحقيقة والمعيّنة لذلك المعنى المجازي كذلك ، بأن تكون موجودة في اللّفظ (٤) أو مقارنة معها ، أو كاشفة عن كون اللّفظ مقترنة حين التكلّم بقرينة تدلّ على هذا المعنى ، ولا يكفي في
__________________
(١) أي عدم الرّجوع انّما هو لو أوجب الرّجوع الى المرجّحات ترك أحد الدليلين رأسا.
(٢) من غير النظر إلى كون أحدهما أقوى والآخر أضعف ، بل يعمل عليهما بمقتضى مدلولهما حقيقة أو مجازا.
(٣) أي في أحد المدلولين لا في كليهما ، سيّما لما عرفت من العمل بالدليلين مع بقائهما على حقيقتهما ممّا لا يمكن هذا ما قال رحمهالله في الدرس كما افاد في الحاشية.
(٤) أي لفظ العامّ.