والثاني : أن يحمل الأمر فيه على الواجب التخييري ـ بمعنى التخييري المصطلح لا التخييري المستفاد من العقل ـ فيما لو كان المأمور به كليّا قابلا لكثيرين ، فإنّه كان مستفادا من الأمر بالمطلق بانضمام حكم العقل أيضا.
وفيهما : أنّهما مرجوحان بالنسبة الى ما ذكرنا ، لما ذكرنا ، سيّما الأخير (١).
وقد يذبّ عنهما أيضا (٢) : بأنّ حمل الأمر على الاستحباب مجاز جزما ، وكذا حمله على التخيير ، بخلاف استعمال المطلق في المقيّد فإنّه ليس مجازا مطلقا ، بل له جهة حقيقة كما صرّحوا به.
وفيه : أنّه إن أريد بذلك مجرّد هذه الملاءمة لا كونه مستعملا فيه بعنوان الحقيقة فيما نحن فيه ، فله وجه.
وإن أريد انّه مستعمل في المقيّد فيما نحن فيه بعنوان الحقيقة في بعض الأحيان ، ففيه : أنّ هذا الاستعمال ليس إلّا الاستعمال المجازي لإرادة الخصوصيّة منه حينئذ وإن لم يتعيّن عند المخاطب.
نعم (٣) قد يمكن دعوى الحقيقة مع عدم التعيين عند المخاطب إذا أشعر المقام بتعيينه عند المتكلّم في مثل : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ،)(٤) وما نحن فيه
__________________
(١) يعني ما ذكر في سند المنع من الوجهين المذكورين ، كليهما مرجوحا بالنسبة الى ما ذكرنا من شيوع التقييد وشهرته ... الخ سيما الأخير من الوجهين المذكورين ، فإنّه أشد مرجوحيّة بالنسبة الى الوجه الأوّل. هذا كما في الحاشية.
(٢) وهذا للفاضل التوني كما في «الوافية» كما عن الحاشية ، ونقول في معناه : أنّه لمّا كان الوجهان المذكوران مخالفين لمذهب المشهور والمنصور ، ولذا قد ذببناهما بقولنا : وبذب أيضا يعني آخر.
(٣) استدراك على الذي مرّ.
(٤) القصص : ٢٠.