ليس من هذا القبيل ، لاستحالة تعليق الحكم على المبهم من الحكيم.
ولو فرض مثل ذلك ، وحصل العلم بعد ذلك (١) بسبب القرينة بإرادة ذلك ، فيكون حينئذ بيانا للمجمل ، يعني يظهر بعد القرينة أنّه كان مجملا فيكون هذا من باب المجمل لا المطلق فيكون مجازا في معناه ، فكيف كان فلا يخرج عن المجازيّة ، والى هذا ينظر قولهم بكون المقيّد والخاصّ بيانا للمطلق والعامّ ، وتقسيمهم المجمل بما له ظاهر وما ليس له ظاهر ، فعلم أنّ ذلك خروج عن الظاهر ، والظاهر هو الحقيقة.
فهذا الكلام في ترجيح ما اخترناه من المجاز (٢) على ما ذكره المانع (٣).
ولئن سلّمنا تساوي الاحتمالين (٤) ، فنقول : إنّ البراءة اليقينيّة لا تحصل إلّا بالعمل بالمقيّد كما ذكره العلّامة رحمهالله في «النهاية» (٥).
وقد يعترض عليه : بأنّه لم يحصل العلم بشغل الذمّة مع احتمال إرادة المجاز من المقيّد حتى يجب تحصيل اليقين بالبراءة عنه ، فلا وجه لوجوب العمل به.
وفيه : أنّ المكلّف به حينئذ هو القدر المشترك بين كونه نفس المقيّد أو المطلق ، ونعلم أنّا مكلّفون بأحدهما ، فاشتغال الذمّة إنّما هو بالمجمل ولا يحصل البراءة منه إلّا بالإتيان بالمقيّد.
وإنّما يتمّ كلام المعترض لو سلّمنا أنّا مكلّفون بعتق رقبة ما ، ولكن لا نعلم هل
__________________
(١) لأنّه دفع لما يقال انّه إنّما يقبح لو لم يأت ببيان الإبهام ، وأما مع مجيء التقييد فلا قبح.
(٢) وهو حمل المطلق على المقيّد.
(٣) من عدم الحمل.
(٤) يعني احتمال الاطلاق والتقييد.
(٥) وأشار إليه في «المعالم» ص ٣١٣.