يشترط الايمان أم لا ، فحينئذ يمكن نفيه بأصل البراءة (١) ، وليس كذلك (٢) ، بل نقول : بعد تعارض المجازين وتصادم الاحتمالين ، يبقى الشكّ في أنّ المكلّف به هل هو المطلق أو المقيّد؟ وليس هاهنا قدر مشترك يقيني يحكم بنفي الزّائد عنه بالأصل ، لأنّ الجنس الموجود في ضمن المقيّد لا ينفكّ عن الفصل ولا تفارق بينهما ، فليتأمّل.
والثالث (٣) : ذكر سلطان العلماء رحمهالله : أنّه يمكن العمل بهما من دون إخراج أحدهما عن حقيقته ، بأن يعمل بالمقيّد ويبقى المطلق على إطلاقه ، فلا يجب ارتكاب تجوّز حتى يجعل ذلك وظيفة المطلق. وذلك لأنّ مدلول المطلق ليس صحّة العمل بأيّ فرد كان حتّى ينافي مدلول المقيّد ، بل هو أعمّ منه وممّا يصلح للتقييد ، بل المقيّد في الواقع ، ألا ترى أنّه معروض للقيد كقولنا : رقبة مؤمنة ، إذ لا شكّ أنّ مدلول رقبة في قولنا : رقبة مؤمنة ، هو المطلق وإلّا لزم حصول المقيّد بدون المطلق مع أنّه لا يصلح لأيّ رقبة كان ، فظهر أنّ مقتضى المطلق ليس كذلك وإلّا لم يتخلّف عنه.
وفيه : أنّ مدلول المطلق وإن لم يكن ما ذكره ، ولكن مقتضاه هو ذلك بالوجهين اللّذين سنذكرهما (٤). فمقتضاه ينافي مقتضى المقيّد ولا يمكن الجمع بين مقتضاه ومقتضى المقيّد بدون تصرّف وإخراج عن الظاهر.
__________________
(١) وتعرّض في «الفصول» : ص ٣٢٠ لهذا الكلام.
(٢) وذلك لوجود النص بالمقيّد هنا.
(٣) الثالث من الوجوه التي ذكروا للجمع بين المطلق والمقيّد من دون تصرّف في المطلق وارتكاب في مجازيّته ، وهو لسلطان العلماء في حاشيته على «المعالم» ص ٣٠٦.
(٤) ومراده بالوجهين ما يذكر بعد أسطر بقوله : لأنّ الطبيعة توجد الى أن قال : وأيضا الأصل براءة الذمّة.