أو لا ، نحو : جاء العالم. ففي الثاني ليس مفهوم الصّفة حجّة عندهم ، فلا يلزم من الحكم بمجيء العالم نفي مجيء الجاهل ، إلّا إذا قامت قرينة على إرادة ذلك.
أمّا الأوّل : فقد أجمع أصحابنا على أنّ مفهوم الصّفة فيه حجّة كما نقله العلّامة طاب ثراه في «نهاية الأصول». فالقائلون بعدم حجيّة مفهوم الصّفة يخصّون كلامهم بما إذا لم يكن في مقابلها مطلق لموافقتهم في حجّيّة ما إذا كان في المقابل مطلق ، ترجيحا للتأسيس على التأكيد (١). وقريب من هذا الاعتراض على القائلين بأنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، كيف قالوا : بأن الأمر الوارد عقيب الحظر حقيقة في الإباحة ، انتهى.
أقول : ولا خفاء في بطلان الاعتراض ، ولا وقع لهذا الجواب.
أمّا الاعتراض فلأنّ مفهوم قوله : اعتق في الظهار رقبة مؤمنة ، عدم وجوب عتق غير المؤمنة ، لا حرمة عتق غير المؤمنة ، فلا ينافي جواز عتق الكافرة ، وحمل المطلق على المقيّد إنّما هو من جهة ملاحظة المنطوق لا المفهوم ، فإنّ المطلوب إن كان عتق فرد واحد ، فلا ريب انّ مع وجوب عتق المؤمنة لا يمكن الامتثال بغيرها ، وإن كان مطلق الطبيعة فبعد وجود عتق المؤمنة وحصول الامتثال بإيجاد الطبيعة في ضمنه فلا يبقى طلب حتى يحصل الامتثال بغيرها ، فيكون الإتيان ثانيا حراما (٢) ، فلا منافاة بين القول بعدم حجيّة المفهوم ووجوب حمل المطلق على المقيّد.
__________________
(١) إذا لم يكن للمقيّد مفهوم يستفاد حكمه من الأمر بالمطلق فذكره تأكيدا بخلاف لو قلنا بالمفهوم.
(٢) وقد تعرّض في «الفصول» ص ٢٢٢ لهذا الردّ.