وإن أوّل قوله (١) : اعتق رقبة مؤمنة ، بأنّ المراد منه أنّ كفارة الظّهار عتق رقبة مؤمنة لا مجرّد إيجاب عتق رقبة مؤمنة ، فهو وإن كان يصحّح الاعتراض في الجملة ، ولكنّه لا يتمّ أيضا ، إذ يكفي في نفي جواز الغير وحدة المطلوب مع ملاحظة المنطوق ولا حاجة الى استفادته من المفهوم.
نعم ، يمكن جريان هذا التوهم في العامّ والخاصّ المتوافقين في الحكم والنفي والإثبات مثل قولك : أكرم بني تميم ، أكرم بني تميم الطّوال ، فإنّ نفي وجوب الإكرام في البعض ينافي وجوبه في الكلّ ، ولا يجري في المطلق والمقيّد لعدم العموم الأفرادي في المطلق ، ولذلك تراهم متّفقين في عدم وجوب حمل العامّ على الخاص ثمّة ، وإنّما خصّوا الحمل بالعامّ والخاصّ المتنافي الظاهر.
وأمّا الجواب ففيه : أنّه يفهم منه قبول التناقض في الجملة وقد ظهر لك بطلانه ، وأنّه لا حاجة الى التمسّك بالإجماع ، والإجماع لا يثبت حجّية المفهوم في الموضع الخاصّ (٢) ، بل إنّما يثبت وجوب العمل بالمقيّد ، والظاهر أنّ العلّامة رحمهالله أيضا لم يدّع الإجماع إلّا على ذلك ، ولم يحضرني الآن كتاب «النهاية» لألاحظ. وأيضا التمسّك بترجيح التأسيس على التأكيد أيضا ممّا لا يناسب المقام ، إذ هو ممّا يصلح مرجّحا لجميع موارد المفهوم ، ولا اختصاص له بما نحن فيه (٣).
__________________
(١) قول المعترض.
(٢) وذلك لأنّه من المسائل اللّغوية ، والاجماع إنّما يثبت به المسائل الفقهيّة.
(٣) وذلك لأنّ الامكان اعتبار المفهوم في قولنا : أكرم العالم أيضا بملاحظة ترجيح التأسيس على التأكيد ، بأن يقال : إنّ اقتران الوصف أعني عالما بالذات التي تدلّ عليها الألف واللام ، تدلّ على وجوب إكرام غير العالم ترجيحا للتأسيس على التأكيد ، هذا كما في الحاشية.