وإن قيل : أنّه فيما انحصر فائدة القيد في اعتبار المفهوم ، فنمنع (١) الانحصار فيما نحن فيه ، إذ التأسيس يحصل بحمله على إرادة الأفضليّة أيضا.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ ما نحن فيه ليس من قبيل الأمر الواقع عقيب الحظر ، وقد مرّ التحقيق فيه.
ولنا على المقام الثاني (٢) : أنّه نوع من التخصيص ، فإنّ المستفاد من المطلق ومقتضاه ولو بانضمام العقل إليه ، حصول الامتثال بأيّ فرد كان من أفراده ، فهو عامّ لكنّه على البدل ، وقد عرفت في العامّ والخاصّ ، أنّ الخاصّ مبيّن لا ناسخ إلّا في صورة تقدّم العامّ وحضور وقت العمل به ، فكذلك المطلق والمقيّد.
واحتجّ من قال بكون المقيّد ناسخا إذا تأخّر عن المطلق ، والظاهر أنّه لا يشترط حضور وقت العمل للنّسخ : بأنّ الدّلالة لا بدّ أن تكون مقارنة باللّفظ ، فلو كان المقيّد بيانا للمطلق ، لكان المطلق مجازا فيه ، وهو فرع الدّلالة وهي منفيّة.
والجواب : منع لزوم المقارنة ، ولا يلزم منه شيء إلّا تأخير البيان عن وقت الخطاب ، ولا دليل على امتناعه (٣).
وأجيب : أيضا بالنّقض (٤) بصورة تقدّم المقيّد ، فالمطلق الوارد بعده لا بدّ أن يراد منه المقيّد من دون دلالة ، وبتقييد الرّقبة بالسّلامة عندهم أيضا.
واعترض على الأوّل : بأنّ تقدّم المقيّد يصلح قرينة لانتقال الذّهن من المطلق الى المقيّد ، بخلاف العكس.
__________________
(١) جواب قوله : وإن قيل.
(٢) وهو كون المقيّد بيانا للمطلق لا ناسخا له.
(٣) راجع «المعالم» : ص ٣١٤.
(٤) كما عن كثير من الكتب «كالمختصر» وشرحه ، وشرح «الزبدة» وغيره.