المشهور (١) من هذا المثال (٢) ، فلا وجه للعدول عنه ، فبالضّرورة لا بدّ أن يكون مراد من بدّل المثال بذلك ، غير هذا.
نعم يصحّ ما ذكره (٣) لو أخرج النهي عن معناه الى معنى إثباتي مثل أن يراد منه : أبق على الرّق مكاتبا ما ، وحينئذ يتمّ معنى المطلق ويكتفي في الامتثال بعدم عتق فرد واحد الى آخر ما ذكره.
لكنّك خبير بأنّه خارج عن مقاصد الفروع وأغلب موارد الاستعمالات في الشّرع والعرف ، إذ المقصود (٤) من أمثال ذلك بيان مورد العتق لا بيان مورد إبقاء الرّق ، فالمقصود بالذّات عتق غير المكاتب لا إبقاء الرّق للمكاتب ، مع أنّ إرادة فرد ما بعد النهي بدون العموم ممّا يبعد فرضه غالبا ، إذ يصير المعنى حينئذ كون غير ذلك المنفي من الأفراد محكوما عليها بذلك الحكم ، فيكون معنى : لا تعتق مكاتبا ، إمّا اعتق من عداهم من العبيد ، وهو وإن كان يتمّ في مثل هذا المثال لو كان مالكا لمكاتب ولغير مكاتب ، ولكن كيف يتمّ في مثل : لا تقتلوا الصّيد ، مثلا ، إذ حينئذ يكون معناه : لا تقتلوا صيدا ما ، إلّا أن يخرج أيضا الى المعنى الإثباتي مثل أن يقال : إذا أصبتم صيودا فأبقوا منها واحدا ويجوز لكم قتل الباقي ، وهذا كلّه خارج عن العرف والعادة.
ثمّ إنّ الحكم بوجوب العمل بالمطلق والمقيّد هنا لا يتمّ إلّا بفرضهما عامّا وخاصّا ، والظاهر أنّ اتّفاقهم على ذلك مبنيّ على مثالهم المشهور ، وإلّا فعلى الفرض الذي ذكرنا من إرادة الماهيّة لا بشرط ، فيمكن الجمع بينهما بحمل المطلق
__________________
(١) الذي هو نكرة مثل : جاء رجل.
(٢) الذي ذكره المبدل وهو المثال المعرّف باللّام.
(٣) من الإيراد.
(٤) عرفا.