أوّل الأمر كالقرء ، أو بسبب الإعلال كالمختار (١) أو بسبب الاشتراك المعنوي وهو فيما لو أراد منه فردا معيّنا عنده ، غير معيّن عند المخاطب ، وذلك امّا في الإخبار مثل : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ،)(٢) وامّا في الأوامر والأحكام مثل : (أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)(٣) و : اعتق رقبة ، إذا أريد بها المؤمنة. والى هذا ينظر قولهم : إنّ الخاصّ والمقيّد بيان لا ناسخ. وقولهم فيما سيأتي : انّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب فيما له ظاهر (٤).
ومرادهم ممّا له ظاهر ، هو الظاهر على الظاهر ، وفي النّظر الأوّل.
ومرادهم بكونه مبيّنا بالخاصّ المستلزم لإطلاق المجمل عليه ، هو المجمل في النّظر الثاني (٥) ، فلا يتوهّم التناقض بين وصف العامّ بالمجمل والظاهر.
والحاصل ، أنّ مرادهم بكون العامّ والمطلق حينئذ مجملا ، وكون الخاصّ والمقيّد بيانا ، هو أنّ الخاصّ والمقيّد يكشفان عن أنّ مراد المتكلّم بالعامّ والمطلق كان فردا معيّنا عنده مبهما عند المخاطب ، وهذا هو الأكثري (٦) في الأحكام ، وإلّا فقد يقترن العامّ والمطلق بقرينة تدلّ على إرادة مرتبة خاصّة من العامّ وفرد خاصّ من المطلق ، ولكنّه لم يقترن ببيان تلك المرتبة ، فذلك مجمل في أوّل النّظر أيضا ،
__________________
(١) وذلك لأنّ تردّده بين الفاعل والمفعول إنّما هو بسبب الإعلال إذ لو لا الإعلال لكان مختير ، بكسر الياء للفاعل وبفتحها للمفعول فينتفي الاجمال ، هذا كما في الحاشية.
(٢) القصص : ٢٠.
(٣) البقرة : ٦٧.
(٤) أي في مجمل له ظاهر.
(٥) اي بعد ظهور القرينة على أنّ الظاهر لم يكن مرادا. وفيه : أنّه لا إجمال في النظر الثاني أيضا لظهور القرينة.
(٦) أي غالبا ما يقع في مقام بيان الأحكام.