من أن يؤمر بنفس الذّبح بعده ، لا يليق مدح إبراهيم عليهالسلام ذلك المدح ، وقد مرّ الإشارة الى ذلك (١).
والتكليفات الامتحانيّة في العرف والعادة أكثر من أن تحصى ، وقد حقّقناه في مبحث تكليف الأمر مع العلم بانتفاء الشرط. فإذا كان مصلحة في توطين المكلّف نفسه على ظاهر العموم (٢) الى وقت الحاجة أو على الوجوب في الأمر الى وقت الحاجة ، ويحصل له هذا الثّواب ثمّ يبيّن له أنّ المراد هو الخصوص والندب ، فأيّ مانع منه.
وقد يجاب : بمنع لزوم الإغراء (٣). لأنّه يلزم حيث ينتفي احتمال التجوّز ، وانتفاؤه فيما قبل وقت الحاجة موقوف على ثبوت منع التأخير مطلقا ، وقد فرضنا عدمه.
وما يقال (٤) : إنّ الأصل في الكلام الحقيقة ، معناه أنّه مع فوات وقت القرينة وهو الحاجة في هذا المقام وتجرّده عنها يحمل على الحقيقة ، لا مطلقا. ألا ترى أنّه لا يحمل اللّفظ على حقيقته حتّى يتمّ الكلام ، وأنّه يجوز تأخير القرينة عن وقت التلفّظ كما في الجمل المتعاطفة المتعقّبة بمخصّص.
وأيضا : قد حكموا بجواز إسماع العامّ المخصوص بأدلّة العقل وإن لم يعلم السّامع أنّ العقل يدلّ على تخصيصه ، فيثبت جواز تأخير القرينة عن اللّفظ ، وعدم لزوم الإغراء.
وكذلك قد جوّزوا إسماع العامّ المخصوص بالدليل السّمعي من دون إسماع
__________________
(١) في مبحث تكليف الآمر مع العلم بانتفاء الشرط.
(٢) في لفظ العام.
(٣) والمجيب بهذا هو صاحب «المعالم» ص ٣٢٥.
(٤) هذا دفع المانع. راجع «المعالم» ص ٣٢٥.