وأمّا على عدم الجواز فيما له ظاهر : فبما احتجّ به المفصّل ، وسنذكره ونجيب عنه.
واحتجّ المفصّل ، أما في المجمل : فبما بيّناه (١) فيما اخترناه.
وأمّا على عدم جواز تأخير بيان ما له ظاهر : فيقبح خطاب الحكيم بلفظ له حقيقة وهو لا يريدها من دون نصب قرينة على المراد ، بل ذلك دلالة له على غير المراد ، لأنّ الأصل في اللّفظ حمله على معناه الحقيقي.
وأمّا المجمل ، فلمّا لم يكن فيه مرجّح لإرادة أحد معانيه ، فيقتصر على ما اقتضاه الوضع الحقيقي ، ويتوقّف بسبب الإجمال الحاصل في الوضع ، فليس فيه دلالة على غير المراد ، بل فيه دلالة على المراد في الجملة (٢) أيضا ، بخلاف الحقيقة التي أريد منها المعنى المجازي بدون نصب القرينة.
وبأنّ الخطاب وضع للإفادة ، ومن سمع العامّ مثلا مع تجويزه أن يكون مخصّصا ويبيّن في المستقبل ، فلا يستفيد في هذه الحالة به شيئا.
والتحقيق في الجواب عن الدّليل الأوّل : أنّ مناطه لزوم القبح من جهة أنّه إغراء بالجهل ، وهو قبيح (٣).
وفيه : منع كليّة الكبرى لغاية وفور التكليفات الابتلائية كتكليف إبراهيم عليهالسلام بذبح ولده.
وما قيل : أنّ التكليف إنّما كان بالمقدّمات (٤) ، وجزعه إنّما كان من جهة خوفه
__________________
(١) من إمكانه ووقوعه.
(٢) أي في ضمن المعنيين.
(٣) وهذا هو الكبرى.
(٤) والقائل بهذا هو صاحب «المعالم» ص ٢٣٠.