ويندفع : بما مرّ أيضا ، إذ مطلق الدّلالة لا يتوقّف عنده على الإرادة ، ومثل ما قيل : إنّه بعد تسليم عدم ورود ما ذكر أنّه لا يفيد في هذا المقام (١) لأنّ اللفظ المشترك بين الجزء والكلّ إذا أطلق وأريد به الجزء ، لا يظهر أنّه مطابقة أو تضمّن ، وكذا المشترك بين اللّازم والملزوم.
ويندفع : بأنّه لا ريب أنّه حينئذ مطابقة كما يظهر ممّا تقدّم (٢).
هذا ما وصل إليه فهمى القاصر في تحقيق المرام ، وبعد هذا كلّه ، فالمتّهم إنّما هو فكري والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم.
إذا تقرّر ذلك فلنعد الى ما كنّا فيه.
فنقول : إنّهم قيّدوا الألفاظ بالمفردة ، ومقتضاه أنّ الغرض من وضع الألفاظ المركّبة هو إفادة معانيها ، ولا يلزم فيها الدّور ، لمنع توقّف إفادة الألفاظ المركّبة لمعانيها على العلم بكونها موضوعة لها ، وقد يستند ذلك المنع بأنّا متى علمنا كون كلّ واحد من تلك الألفاظ المفردة موضوعا لمعناه ، وعلمنا أيضا كون حركات تلك الألفاظ المفردة دالّة على النّسب المخصوصة لتلك المعاني ، فإذا توالت الألفاظ (٣) بحركاتها المخصوصة على السّمع ، ارتسمت تلك المعاني المفردة مع نسب بعضها الى بعض في ذهن السّامع ، ومتى حصلت المعاني المفردة مع نسبة بعضها الى بعض ، حصل العلم بالمعاني المركّبة لا محالة.
أقول : وتحقيق المقام ، إنّ المركّبات لا وضع لها بالنظر الى أشخاصها ، بل وضع المركّبات من حيث إنّها مركّبات ، نوعيّ.
__________________
(١) في مقام الحدود والتعاريف.
(٢) من أنّ التضمنية تبعيّة غير مرادة.
(٣) المخصوصة.