وأمّا من جانب القول بالفصل ، فأمثلته كثيرة يتّضح في ضمن ما يتلى عليك فاستمع لتحقيق هذا المقام (١) على ما يستفاد من كلماتهم ، وهو أنّه إذا لم يفصل الأمّة بين مسألتين أو أكثر ، فإن نصّوا على عدم الفصل بينهما بأن يعلم من حالهم الاتّفاق على ذلك ، وإن لم نجد التصريح به من كلامهم ، فلا يجوز الفصل ، سواء حكموا بعدمه (٢) في كلّ الأحكام ، أو بعض الأحكام ، وله صور ثلاث :
الاولى : أن يحكم الأمّة بحكم واحد فيهما ، مثل أنّهم يستدلّون لوجوب الاجتناب عن البول بقوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٣). فالحكم من الأمّة للبول واحد ، وهو النجاسة ، وهم متّفقون على عدم الفصل بين وجوب غسل الثوب عنه والبدن وتنزيه المأكول والمشروب والمساجد والمصاحف وغير ذلك ، وكذلك سائر أحكام النجاسات ، فاتّفقوا على عدم الفصل بين أحكام المذكورات بالنسبة إلى ملاقاة البول ، مع كون الحكم واحدا أيضا.
فهذا في الحقيقة إجماعان بسيطان وليس لنا هنا إجماع مركّب.
وموارد هذه الصّورة في الأحكام الشرعية فوق حدّ الإحصاء.
الثانية : أن يحكم بعض الأمّة في المسألتين (٤) بحكم ، وبعض آخر بحكم آخر ، مثل أنّ بعضهم يقول بنجاسة الماء القليل الذي في الإناء بولوغ الكلب ، وكذلك بنجاسة القليل الذي دخل فيه الدّجاجة التي وطأت العذرة ، وكذلك غيرهما من أفراد الماء القليل وأقسام النجاسة.
__________________
(١) أي مقام القول بالفصل.
(٢) بعدم جواز الفصل.
(٣) «الكافي» : ٣ / ٥٧ ح ٣ ، «التهذيب» : ١ / ٢٦٤ ح ٧٧٠ ، «الوسائل» : ٣ / ٤٠٥ ح ٣٩٨٨.
(٤) اي حكم الموردين.