سلّمنا لزوم الثاني أيضا ، لكن لا يلزم من القول باتّحاد الكلّي في الحكم ، القول ببطلان القول بالحكم الموافق في البعض (١) ، إذ ليس في القول باتّحاد الكلّ في الحكم لزوم انضمام كلّ منهما بالآخر ، لأنّ الحكم إنّما يتعلّق بكلّ واحد من الأفراد لا بالأفراد بشرط تركيبها واجتماعها.
سلّمنا جميع ذلك ، لكنّ المسلّم من العقاب على مخالفة الإجماع والقدر الثابت الحجّية من الإجماع ، هو ما علم اتّفاقهم على شيء بدلالتهم المقصودة لا التبعيّات ، وأدلّتهم التي أقيمت على ذلك إنّما تنصرف إلى ذلك.
فاستدلّ المانعون أيضا : بأنّ فيه تخطئة كلّ فريق في مسألة.
وفيه : تخطئة كلّ الأمّة ، والأدلّة السّمعية تنفيها.
وردّ : بأنّ المنفيّ تخطئة كلّ الأمّة فيما اتّفقوا عليه ، وأمّا فيما لم يتّفقوا عليه بأن يخطّئ كلّ بعض في مسألة غير ما خطّأ فيه الآخر ، فلا ينفى.
أقول : وقد مرّ منّا ما يخدش في هذا الكلام (٢) وما يصلحه في خصوص الاستدلال بقوله صلىاللهعليهوآله : «لا تجتمع امّتي على الخطأ» (٣) ، بجعل اللّام للجنس أو للعهد ، ولكن الأظهر على مذهبهم (٤) في هذا المقام هو قول المانع كما بيّنا (٥).
__________________
(١) لأنّ اثبات الشيء لا ينفي ما عداه.
(٢) في القانون السّابق في الردّ بأنّ اللام حقيقة في الجنس ، ومقتضاه عدم جواز اجتماعهم على جنس الخطاء.
(٣) «شرح النهج» : ٨ / ١٢٣ و ٢٠ / ٣٤ وفي «معارج الأصول» مبحث الاجماع.
(٤) وجه الأظهرية عدم ملائمة وجه الخدشة من اللّام حقيقة في الجنس كما صرّح به هناك على مذهبهم ، لاقتضائه عدم خلو الزمان عن معصوم لا يخطئ أصلا.
(٥) وقول المانع ليس المراد منه المانع فيما نحن فيه مقابل المجوّزين ، بل المانع من الاستدلال وهو الرّاد كما لا يخفى.